هدنة غزة تصطدم بتعقيدات، وكذلك الحل السياسي المرتبط بجبهة الجنوب، حيث يؤكّد المتابعون للحركة الديبلوماسية لـ«الجمهورية»، أنّ هذا المسار صعب وطويل، ونضوج هذا الحل يتطلّب وقتاً طويلاً وجهداً خارقاً، وخصوصاً انّ مندرجاته، وكما يطرحها الاميركيون، لا تلقى قبولاً من كل الاطراف، وخصوصاً من جانب لبنان، الذي لا يقبل تسويات منقوصة او أي صيغة حل تناقض مصلحته وتمسّ سيادته».
وعلى ما يقول مواكبون لحركة الديبلوماسية الاميركية لـ«الجمهورية»، فإنّ اولوية واشنطن هي أن تفصل ما بين جبهة غزة وجبهة الجنوب اللبناني، ألّا أنّها في مقارباتها لهاتين الجبهتين، تنطلق من كونهما جبهتين مترابطتين، فإسرائيل تهدّد باستمرار المواجهة مع «حزب الله» حتى ولو تمّ التوصل الى هدنة في غزة، وفي المقابل يؤكّد الحزب استمراره في التصعيد ضدّ اسرائيل حتى وقف العدوان الاسرائيلي على غزة.
امام هذا الوضع الساخن، وكما يؤكّد هؤلاء المواكبون، تصبّ واشنطن جهدها لتبريد الجبهتين في آن معاً. فجبهة غزة، التي تدخل الحرب فيها اليوم شهرها السادس، وإن كانت قد وفّرت لاسرائيل كلّ ما يلزمها من دعم عسكري وسياسي وحشد دولي لإلحاق الهزيمة القاتلة بحركة «حماس»، اصبحت عبئاً عليها، ومن هنا باتت تدفع بقوة الى هدنة الستة اسابيع. وفي المقابل، باتت جبهة لبنان تشكّل بالنسبة اليها مصدر قلق كبير من أن تشعل فتيل حرب واسعة، فهي حتى الآن استطاعت ان تُلزم اسرائيل بتغليب الحل السياسي على الحل العسكري الذي تهدّد به، وفي الوقت نفسه تنتظر مبادرات عاجلة من الجانب اللبناني لكبح جماح «حزب الله»، بما يعطي فرصة جدّية للحل السياسي».
وكشفت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية»، أنّ واشنطن وجّهت بصورة مباشرة وغير مباشرة، تحذيرات واضحة الى كل الاطراف، تفيد بأنّ استمرار التوتر والتصعيد على الجبهة الجنوبية، قد يشيع تفاقمه مناخات حربيّة خطيرة، وصرّحت علناً بأنّ أيّ خطأ في التقدير من شأنه أن يُسقط المنطقة بأسرها في حرب واسعة غير قابلة للاحتواء، قد تترتب عليها تداعيات دراماتيكية وعواقب وخيمة على كل الاطراف، وربما تحوّلات صعبة، غير محسوبة تهدّد خريطة المنطقة ومصالح كلّ الدول».