يصنّف بعض المتابعين لتطوّرات وانعكاسات حرب غزة الانفتاح المفاجئ بين «حزب الله» وبين دولة الإمارات العربية المتحدة في خانة تهيّؤ الفرقاء الإقليميين لما بعد مرحلة الحرب الإسرائيلية ضد القطاع. فـ»الحزب»، ومن خلفه إيران، لا بدّ أن يتعاملا مع نتائجها والحصيلة التي سترسو عليها وموقعهما في المعادلة التي ستنشأ بعدها. طبيعي أن يوظّف «الحزب» انفتاح أبو ظبي عليه تحت عنوان تجديد الجهود للإفراج عن المعتقلين اللبنانيين بتهمة التعاون معه وتمويله، والتي كان بدأها المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس ابراهيم عام 2021، وأدّت في حينها إلى الإفراج عن 11 منهم ممن لم تصدر في حقّهم أحكام. وتُرك الإفراج عمّن تبقى ممّن حكمتهم المحاكم بالسجن، لمرحلة لاحقة تتطلّب ترتيبات قانونية، تشمل صدور عفو من صلاحيات رئيس الدولة. لكنّ الخطوة تأجّلت حينها لأسباب وحسابات عدّة:
– أميركية لا تحبّذ الفكرة، ويمنية بفعل اعتداءات الحوثيين حلفاء «الحزب» وإيران، على دول الخليج
– سعودية إذ كانت تتعرّض للقصف الحوثي أيضاً.
– حينها أبلغت أبو ظبي، عبر وفد زار الضاحية الجنوبية، حسب المطلعين على تفاصيل الاتّصالات بين الجانبين، بظروف التأجيل مكرّرة أن لا موقف سلبياً منها تجاه الشيعة وترحّب بمن يرغب في العمل في الإمارات منهم. طلبت الإمارات وقف الحملات الإعلامية من وسائل إعلام «الحزب» وإيران في لبنان. كما أكّدت أنّها ستقبل على توظيفات استثمارية ومالية في لبنان.
حينها تزامن الحديث عن تلك التوظيفات، مع المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية لتقاسم الثروة الغازية مع إسرائيل. وشملت اقتراح حلول الإمارات مكان شركة «نوفاتيك» الروسية في التنقيب والاستخراج في لبنان، لكنّ الرأي استقرّ على «قطر غاز» مكانها في اتفاق رتّبه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، بفعل التباين حول رفع إدارة جو بايدن الحوثيين عن لائحة الإرهاب.
– إيرانية تتعلّق باليمن وانخراط أبو ظبي ضدّ الحوثيين، وأخرى سعودية أيضاً.
بصرف النظر عن تفسير التأخير في الإفراج عن السبعة الباقين المحكومين، فإن توظيف «الحزب» البحث بالإفراج عنهم، إعلاميّاً وسياسيّاً، يريحه في ظلّ تصاعد التطويق الذي يتعرّض له لبنانيّاً وخارجيّاً، جرّاء انخراطه في حرب إشغال إسرائيل من الجبهة الجنوبية اللبنانية، ومأزق الخسائر الميدانية بالأرواح والممتلكات، إضافة إلى الحملة عليه بالتسبب في عدم انتخاب رئيس للجمهورية.