وسط توتر إقليمي محموم منذ تفجر الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر، نفذت الضربة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، مخلفة 11 قتيلاً بينهم قياديون ومستشارون مهمون في الحرس الثوري الإيراني، ما فاقم المخاوف من تفجر حرب من نوع جديد بين إسرائيل وإيران.
فعلى مدى سنوات ظل الصراع بين العدوين في إطار ما يعرف بـ “حرب الظل” عبر الميلشيات المدعومة من طهران في المنطقة من العراق مرورا بسوريا ولبنان واليمن حيث الحوثيين.
ضربة موجعة
إلا أن استهداف القنصلية الذي شكل ضربة موجعة لطهران، بل إن أول قصف يطال قنصلياتها أو سفاراتها شكل صفعة معنوية أيضا لها، وفق بعض المحللين.
وفي السياق، اعتبر مدير القسم الإيراني في مركز “مجموعة الأزمات الدولية” علي فائز، أن إيران وإسرائيل انخرطتا على مدى سنوات في ما اصطلح على تسميته حرب الظل، إلا أن ضربة القنصلية أثبتت أن تلك التسمية باتت خاطئة لاسيما مع تزايد التوترات على جبهات متعددة في المنطقة.
كما أوضح في سلسلة تغريدات على حسابه في منصة إكس، أنه سبق لإسرائيل أن استهدفت عناصر من الحرس الثوري في سوريا خلال السنوات المنصرمة إلا أن تلك الاستهدافات كانت استثناء، أما ضربة أمس فترتدي طابعاً مهما جدا سواء بالنسبة للموقع المستهدف أو حتى العناصر الذين قتلوا.
“موقف لا تحسد عليه”
ورأى أن طهران في موقف لا تحسد عليه، كاتباً أن عدم الرد سيفسر على أنه ضعف ويستدعي بالتالي مزيداً من الضربات الإسرائيلية، وكذلك الرد بشكل مباشر أو غير مباشر ضد المصالح الإسرائيلية و/أو الأميركية قد يؤدي إلى النتيجة عينها.
إلى ذلك، نبه إلى أن استهداف منشأة دبلوماسية يشبه استهداف إيران على أراضيها”. وأضاف في تصريحات لصحيفة “نيو يورك تايمز” أن الفشل في الرد من شأنه أن يقوض الوجود العسكري الإيراني في سوريا، لكن “إذا ردوا أيضا فسيقعون في الفخ الذي يعتقدون أن إسرائيل نصبته لهم من أجل دفعهم للدخول في حرب مباشرة”.
بدوره، أكد تشارلز ليستر، مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط بواشنطن بتغريدة على حسابه في إكس أن الضربة الإسرائيلية على دمشق أمس تطور كبير وتصعيد خطير.
من جهته، رأى بيمان سيد طاهري، وهو محلل محافظ مقرب من الحكومة الإيرانية، أن ضربة دمشق هزت الإيرانيين الذين يخشون من فشل نهج الحكومة في المواجهة مع إسرائيل. وقال “لقد تم انتهاك أمننا القومي.. فإما أن ترد إيران حتى لا تهاجمنا إسرائيل في عقر دارنا”.
كما أضاف “أما إذا كانت لا تريد الرد، فعليها أن تعيد النظر وتخفف من سياساتها الإقليمية ووجودها العسكري بالمنطقة”، حسب “نيويورك تايمز”.
يشار إلى أن الصراع خلف الكواليس أو ما يعرف بحرب الظل الإيرانية الإسرائيلية مستمرة منذ سنوات، فقد استهدف كل طرف الآخر بطرق ومناسبات مختلفة. إذ نفذت إسرائيل عدة اغتيالات سواء في سوريا أو حتى في الداخل الإيراني، فضلا عن أعمال تشويش وقرصنة أيضا.
كذلك فعلت طهران، إذ نفذت عدة هجمات إلكترونية في الداخل الإسرائيلي، كما حثت “أذرعها” في المنطقة كما يصفها العديد من الخبراء والمحللين، من أجل ضرب مصالح إسرائيلية وقواعد أميركية أيضا.