لا يبدو اللبنانيون مطمئنين إطلاقاً لمسار الأمور في المنطقة، هم الذين أُقحموا في حرب يرى قسم كبير منهم أنه «لا ناقة لهم فيها ولا جمل» بعد تفرد «حزب الله» بإعلان منطقة الجنوب ساحة حرب دعماً ومساندة لغزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ويخشى هؤلاء أن يؤدي رد طهران على استهداف إسرائيل مقر قنصليتها في دمشق وبعدها ردة الفعل الإسرائيلية على هذا الرد إلى اندلاع حرب موسعة في المنطقة يكون لبنان ساحة رئيسية لها.
وينقسم اللبنانيون بين من يترقب رداً قاسياً على حجم الهدف الذي ضربته إسرائيل، ومعظم هؤلاء من مناصري «حزب الله»، وبين من يرى أن الرد سيكون محدوداً وأقرب ليكون رمزياً، مرجحاً أن يكون هناك تفاهم إيراني – أميركي بهذا الخصوص لتفادي توسيع الحرب في المنطقة. أما الفئة الثالثة فترجح ألا يكون هناك رد، وأن يتواصل استخدام شعار «الرد في المكان والزمان المناسبين» من دون أن يأتي هذا الرد.
وشُنت حملات ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وجرى نشر صورة لقائد قوات «فيلق القدس» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني كُتب عليها «أين أصبح ثأري؟»، هو الذي لقي حتفه في بغداد عام 2020. وأعلن «الحرس الثوري» وقتها أنه استهدف قاعدتين تضمان قوات أميركية في محافظتي الأنبار وأربيل العراقيتين.
احتمالية رد «حزب الله»
ورغم أن أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله أكد في إطلالته الأخيرة أن «الرد الإيراني آتٍ لا محالة»، من دون أن يشير إلى احتمال تولي «حزب الله» الرد، إلا أن مصادر «القوات اللبنانية» ترى أن إمكانية توكيل إيران لـ«حزب الله» أو لأي من أذرعها في المنطقة الرد، هي «فضيحة وهزيمة لأن من استُهدف اليوم في دمشق هي إيران بحد ذاتها؛ فالقنصلية الإيرانية هي أرض إيرانية، ومن ثم في حال لم ترد طهران مباشرة على الاستهداف هذا يعني إقرار واضح من قبلها بأنها أعجز من أن ترد، وأنها في موقف ضعيف، وأنها خلافاً لكل ما تدعيه من قوة، فهو كلام إعلامي غير صحيح».
وتشير المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التجربة أثبتت منذ مقتل قاسم سليماني إلى اليوم أن إيران لا تعتمد الرد الكلاسيكي، إنما تعتمد الرد من قبل أذرعها تجنباً للدخول في مواجهة من دولة لدولة؛ لأنها أضعف من الدخول في هذه المواجهة».
وترى المصادر أن «حزب الله أساساً منذ دخوله بحرب غزة من دون سؤال الدولة والحكومة متخذاً القرار بمفرده من دون العودة إلى أحد، هو ارتكب خطيئة لا تُغتفر بحق اللبنانيين لأنه أدى إلى تهجيرهم وتدمير منازلهم وقتل المئات منهم، من دون أن ننسى التأثير السلبي على الاقتصاد اللبناني، ومن ثم فهو وفي حال ذهب ليثأر لإيران يكون أيضاً يستخدم لبنان لاعتبارات إيرانية، ويمعن في إقحامه في صراع إقليمي على أرض لبنانية مستخدماً الشعب اللبناني خدمة للمشروع الإيراني».
أهداف محتملة
ومن جهته، يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر أن «الرد الإيراني حتمي، ولكن الإيرانيين ما زالوا يدرسون كيفية الرد كي لا يكون بمثابة إعلان حرب لأن إسرائيل تتحرش بإيران لجرها إلى الاشتباك معها والأخيرة تعرف أن اشتباكها مباشرة مع إسرائيل يعني حرباً مع الولايات المتحدة الأميركية لا تريدها».
ويؤكد جابر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الرد سيكون مباشراً من قبل طهران بعدما أعلنت التعبئة القصوى» مرجحاً أن يجري استهداف «قنصلية إسرائيلية قد تكون في كردستان وهي على مرمى النيران والصواريخ الإيرانية مباشرة، أو قد يكون الرد بحراً باستهداف سفينة إسرائيلية»، مضيفاً: «أما ضرب المصالح الأميركية في المنطقة فمستبعد تماماً، وقد أُبلغت واشنطن بذلك».
ويرجح جابر أن يكون هناك «رد آخر عبر حلفاء إيران في المنطقة»، مستبعداً أن يؤدي أي رد من «حزب الله» لتوسيع المعركة لأنه أمر يتفاداه منذ أشهر.