في موازاة ما انتهت اليه زيارة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس لبيروت من نتائج وضعت قيد البحث، باشَر وزير الخارجية عبدالله بوحبيب محادثات مماثلة في العاصمة اليونانية خلال زيارة عمل كانت مقررة سابقاً وغيبته عن زيارة خريستودوليدس الاخيرة للبنان حيث التقى نظيره اليوناني جورجيوس جيرابيتريتس لاستكمال البحث في عدد من القضايا المشتركة.
وفي الوقت الذي توافق الرئيس القبرصي مع لبنان على ان «يقوم بمسعى لدى الاتحاد الأوروبي لوضع «إطار عملي» مع لبنان على غرار ما تحقّق من تفاهمات واتفاقيات بين الاتحاد وكل من مصر وتونس، وما يمكن ان تقود اليه من مَنح الحكومة اللبنانية المزيد من المساعدات الضرورية وإعطاء النازحين السوريين حوافز للعودة إلى بلادهم». حضرت الملفات عينها بين بوحبيب وجيرابيتريتس وتبادلا وجهات النظر حيال الحرب الدائرة في غزة والوضع في جنوب لبنان، إضافة إلى البحث في تعزيز التعاون في مسائل النزوح والهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط.
وشدد بوحبيب بعد اللقاء على اهمية «تعزيز العلاقات التاريخية مع اليونان» في وجود ما سمّاه «الرغبة المتزايدة لدى اللبنانيين للاستثمار التجاري والعقاري في اليونان». كذلك اكد «الترابط بين ضفتي المتوسط على خلفية القول: «إذا أصابنا الرشح في لبنان وشرق المتوسط، تنتقل العدوى الى الجوار الأوروبي المتوسطي». كما تم التوافق على «التطبيق الشامل والمتكامل لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم ١٧٠١ الذي يحقق الاستقرار والهدوء في جنوب لبنان». مكرراً التأكيد «أننا لا نريد الحرب التي اذا وقعت سينفجر كل الشرق الاوسط».
خرجت عن السيطرة
وفي موقف خاطب فيه المجتمع الاوروبي من اثينا، أشار بوحبيب الى انّ «أزمة النزوح خرجت عن السيطرة بسبب غياب الحلول المستدامة وتَخطت قدرات لبنان على تحمّلها، وبدأت تدق ابواب قبرص وربما اليونان، ولذلك على الدول المتشابهة التفكير كلبنان واليونان وقبرص العمل معاً لتغيير سياسة الاتحاد الأوروبي في اتجاه المساعدة على إعادة النازحين الى سوريا، ودعمهم ليتمكنوا من بناء قراهم وبلداتهم المدمرة». وقال ان «اليونان على استعداد لإيصال صوت لبنان للاتحاد الاوروبي، ودعم مطالبنا وأخذ هواجسنا في الاعتبار».
وفي الملف الاقليمي اكد بوحبيب انه اتفق ونظيره اليوناني على «أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، وحماية المسعفين والمدنيين، وإيصال المساعدات الانسانية، وتطبيق «حل الدولتين» لإنهاء حالة عدم الاستقرار التي يعيشها الشرق الأوسط منذ عقود».
لبنان لملاقاة أوروبا
وعليه، قالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» ان لبنان سيلاقي الاجراءات الاوروبية بالمِثل سعياً الى توفير صيغة جديدة لمقاربة ملف النازحين، والذي زادت من تعقيداته الإشكالات التي تسببت بها الاعتداءات السورية الاخيرة وآخرها جريمة قتل منسق «القوات اللبنانية» في جبيل باسكال سليمان، توصّلاً الى صيغة تؤكد فيها اوروبا انها لا تعاني وحدها حجم النزوح قياساً على حجم معاناة اللبنانيين التي بلغت مراحل خطيرة جداً تهدّد بالفلتان الأمني ان استمرت الاعتداءات بوتيرتها الخطيرة في أكثر من منطقة»، خصوصاً ان تم التوصّل الى الاعتراف بوجود مناطق آمنة في سوريا ولا بد من عودة النازحين اليها.
واشارت هذه المصادر الى «انّ الحملة الديبلوماسية التي قادها لبنان بدأت تؤتي ثمارها، وأن المؤتمر المقرر في نهاية ايار المقبل في بروكسل والمخصّص للبحث في ازمة النازحين السوريين سيشهد على خطوات جديدة إن نجحت مساعي اليونان وقبرص في تقريب وجهات النظر وتسويق الخطط اللبنانية على مستوى دول الاتحاد الأوروبي».