فيما الاستحقاقات الدستورية لا تزال في إجازة منذ ما يناهز السنتين، فإن إجازة عيد الفطر السعيد لم توقف التطورات الجارية على خلفية جريمة قتل المسؤول في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان، حيث توالت جملة من التداعيات المقلقة على أكثر من صعيد، فيما سياسياً يُتوقع أن تستأنف اللجنة الخماسية مطلع الأسبوع المقبل اتصالاتها مع المرجعيات السياسية والكتل النيابية لإعادة البحث في الملفات العالقة وفي مقدمها ملف الإستحقاق الرئاسي.
وفي سياق التوتر الأمني الذي لم يقف عند حدود جريمة جبيل، تنقلت الأحداث التي بعضها تركّز على استهداف النازحين السوريين في عدد من المناطق، في حين قفزت إلى الواجهة حادثة الإعتداء على مركز الحزب السوري القومي الاجتماعي في جديتا، ما أدى الى خلق مزيد من البلبلة والتوتر، ما يدعو إلى القلق والريبة من مشاريع العبث بالأمن في لبنان وتهديد استقراره واستغلال التطورات الأخيرة لإثارة النعرات.
وكانت مصادر أمنية قد حذرت عبر “الأنباء” الإلكترونية من مغبة جرّ البلد إلى الفتنة مرة جديدة باستخدام المحرّضين والمخططين للأدوات نفسها التي تم استخدامها في كل الفتن والأحداث التي حصلت في الماضي.
النائب السابق في القوات اللبنانية أنطوان زهرا، شدد في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية على اعتبار جريمة قتل سليمان “سياسية حكماً إلى أن يُثبت العكس وبشكل قاطع، لأن الرواية التي أصدرتها الأجهزة الأمنية غير مقنعة وصعبة التصديق، فلا أحد يحمل جثة 200 كيلومتر لرميها بأرض مكشوفة، فالمقصود منها إيصال رسالة بأن هذا المخطوف قد قُتل وعليكم تدبر أمر إرجاعه وأن عملية ترك السيارة التي خُطف بها ونقله بسيارة أخرى كلها روايات لحرف الأضواء وصرف النظر عن الحقيقة”.
زهرا اعتبر أن “الاتهام السياسي لحزب الله هو بسبب الفلتان الأمني، لكن لم يتهمه أحد بالجريمة”، مستغرباً “الأسلوب الذي استخدمه أمين عام حزب الله حسن نصرالله بالدفاع عن حزبه وكأنه المتهم”، مضيفاً “لم نتعوّد أن يستند السيد حسن إلى إشاعة لاتخاذ موقف ضد القوات”، مؤكداً أن “القوات حريصة كل الحرص على درء الفتنة وهذه أولى أولوياتها، ليس تهيباً منه بل تأكيداً على منطق بناء الدولة. فأي موقف تتخذه القوات بغير هذا الاتجاه لا يمكن أن يكون محسوباً عليها. وبالنسبة لها لا بديل عن الدولة السيدة الحرة المستقلة. أما في المواجهة السياسية فالقوات لم ولن تقصر باتخاذ الموقف المناسب حكماً بعد الإعلان النهائي عن كل ملابسات الجريمة ودوافعها وكشف كل التحقيقات حولها”.
وفيما الهمّ الأمني يكبر، يكبر معه الخوف على مصير البلد الذي تتقاذفه مشاريع الفتنة من هنا وهناك، ما يستدعي أعلى درجات اليقظة والوعي والحكمة كي لا تنزلق البلاد إلى ما هو أخطر.