يتحرك الواقع السياسي الداخلي، هذه الايام، على ايقاع خماسي دبلوماسي، يسعى للبحث والتنقيب عن رئيس “تائه” للجمهورية، نتيجة استمرار الدوران في الحلقة المفرغة والمزيد من الوقت الضائع، اما الواقع الامني، فإلى مزيد من التدهور مع عمليات الاخذ والرد والاغتيالات، على وقع تطور نوعي فرضه حزب الله في “بيت هيلل”.
وفيما ترتفع وتيرة وحدة المواجهات، مع دخول اسلحة جديدة ساحات القتال، واتساع الاهداف المنتقاة بدقة، ردا على اتساع رقعة الاعتداءات الاسرائيلية، وتركيز تل ابيب على اغتيال قيادات ميدانية اساسية، بين حزب الله خلال الساعات الثماني والاربعين الماضية، انه ما زال يملك قدرات استعلامية عالية، ومعرفة بتفاصيل التحركات العسكرية وراء الحدود، ما سمح له بتوجيه ضربات موجعة في المفهوم الاستراتيجي للعمليات العسكرية، بعيدا عن حجم الاصابات والاضرار البشرية والمادية.
فاستراتيجية الحزب الجديدة تركز على انه وان كان من غير الممكن الحسم بنتائج المواجهة، في ظل توازن القوى بين الطرفين، انطلاقا من المعادلات العسكرية التقليدية، الا انه من الواضح وباقرار الجميع بان الحرب الشاملة التي يحكى عن حسمها، ستكون مكلفة جدا، ولن تكون بالسهولة التي يتوقعها البعض.
مصادر وزارية كشفت، ان التصعيد الميداني النوعي على الجبهة، رافقه رسالة قوية تبلغها “سعاة الخير” بين لبنان واسرائيل، تضمنت تحذيرا من حزب الله بان استمرار تل ابيب في تطبيق خطتها في محاولاتها التصاعدية لكسر قواعد الاشتباك، جغرافيا ونوعيا، سيدفع بحارة حريك الى اعادة نشر قوات الرضوان على الحدود، سواء على تخوم مزارع شبعا او الغجر، حيث ستقوم بتخطي الحدود، في قرار واضح لاستعادة اراض لبنانية محتلة وتحريرها، وهو ما لا يمكن لواشنطن او غيرها ادانته باعتباره يستند الى اعتراف دولي بان تلك المناطق والمساحات محتلة.
واكدت المصادر ان الجزء الثاني من الرسالة، تمثل في تحذير واضح بان استهداف المخيمات الفلسطينية سيشكل تخطيا للخطوط الحمر، ومسا بالاستقرار الداخلي اللبناني، لان ذلك سيؤدي الى موجات نزوح الى خارج المخيمات ، ما قد يتسبب في زعزعة الامن الداخلي ، وتعريض ظهير الحزب للخطر، خصوصا في ظل انتشار النازحين السوريين، والاشكالات المتنقلة التي باتوا عنوانا لها.
وتابعت المصادر بان الاجواء تتجه نحو مزيد من التصعيد، خصوصا ان اسرائيل تركز في مباحثاتها على اعتبار حزب الله، كما حماس، ذراعين اساسيين لايران على حدودها، وبالتالي، وجوب ضرب حزب الله، بعدما شلت ذراع حماس، مع استمرار العمليات العسكرية في غزة، والمشاورات الجارية لاخراج قيادة ومسلحي حماس من قوات النخبة من القطاع الى خارجه، الى اليمن، وفقا لواشنطن، والى لبنان وفقا لمحور الممانعة.
واشارت المصادر الى ان الضربة الايرانية الاخيرة، بينت لاسرائيل، ان الخطر الاكبر يبقى في انتشار جماعات موالية لطهران على حدودها، لا في الصواريخ البالستية والمسيرات، بعدما وفت القوى الدولية الغربية بالتزامها بحماية تل ابيب، من جهة، وتامين جميع الاسلحة والذخائر الهجومية التي تحتاج اليها الاخيرة لشن اي عمليات عسكرية خارج اراضيها.
وختمت المصادر، بان موسكو المحت خلال عمليات التفاوض الجارية، عبر قنوات خاصة، بان “بروتوكول التعاون” مع اسرائيل في سوريا، له قواعده واسبابه، وان تل ابيب ملتزمة به بالكامل، وبالتالي فان الحسابات في الساحة السورية مختلفة تماما، ولا تتاثر باي خطوات قد تتخذ ضد ايران وموقف روسيا منها ، بدليل ان الجيش الاسرائيلي ابلغ قاعدة حميميم عن ان طائراته ستهاجم اهدافا في محيط مطار دمشق، تزامنا مع العملية الايرانية، وهو ما حصل تماما.