يزاحم ملفّ النزوح السوري كلّ الملفّات الطارئة، وعلى رأسها مصير الورقة الفرنسية المعدّلة وردّ الجانبين اللبناني والسوري عليها. زيارة اليوم لكلّ من الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فوندور لاين مجرّد محطّة في مسار طويل وشائك بات جزءاً صلباً من ملفّات المنطقة التي يحكمها استاتيكو “الرعاية” وليس الحلّ الشامل.
لا زيارة حكوميّة وشيكة
تنفي أوساط حكومية لـ “أساس” “التحضير لزيارة رسمية وشيكة لسوريا للبحث في الخطّة الطوعية لعودة النازحين السوريين والتنسيق في شأن تسليم الموقوفين والمحكومين بتهم جنائية غير سياسية”.
في المقابل تقول مصادر الأمن العام إنّ “زيارة المدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري لدمشق محتملة، وهي مرتبطة بظروف نجاحها من خلال النقاشات الداخلية. واللواء البيسري لا يسعى إلى زيارة بالشكل، بل لتحقيق نتائج ملموسة”.
فعليّاً، لا تطوّرات داخلية مؤثّرة في هذا السياق باستثناء موقف جنبلاطيّ متقدّم ومغاير لمسار طويل من استراتيجية المختارة في التعاطي مع دمشق وملفّ النزوح، من خلال تأكيد رئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد جنبلاط في حديث إلى صحيفة “لوريان لو جور” أن “لا مفرّ من مناقشة الحكومة لملفّ النزوح مع النظام السوري، وإذا كان لدى أحزاب موقف معادٍ تجاه النظام السوري، ومنهم الحزب التقدّمي الاشتراكي، لكن من المستحيل أن ننكر أنّ سوريا موجودة”، مشيراً إلى إمكانية “تجنّب التطبيع السياسي من خلال التركيز على مسألة النازحين فقط، وهي مسألة ذات طبيعة أمنيّة، كما يجدر التفاوض مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR لتحسين ظروف عودة السوريين”.
لا تطوّرات داخلية مؤثّرة في هذا السياق باستثناء موقف جنبلاطيّ متقدّم ومغاير لمسار طويل من استراتيجية المختارة في التعاطي مع دمشق
الاشتراكيّ يقترح
وفيما تتسابق القوى السياسية في تقديم اقتراحاتها المتأخّرة جدّاً لمواجهة خطر النزوح السوري المتمادي كشف “الاشتراكي” عن ورقة سياسية سيقدّمها إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والقوى السياسية الأخرى قبل انعقاد مؤتمر بروكسل الثامن في 27 أيار.
يقول النائب هادي أبو الحسن: “المعنيّان الأساسيّان بملفّ النزوح وركيزتا الحلّ هما الحكومة السورية والدول المانحة أو المجتمع الداعم. لهذا السبب تفترض الواقعية أن تتحدّث الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية، ويتواصل الأمن العامّ اللبناني مع الأمن العامّ السوري. اتّفقنا على علاقات دبلوماسية بين البلدين، وهنا تستطيع الحكومة اللبنانية الحديث مع الحكومة السورية. هذا مطلب ملحّ ويجب إقرار تفاهمات، خصوصاً في ظلّ عدم وجود حماسة أوروبية لإعادتهم إلى بلدهم، وذلك من أجل إعادة النازح وليس الملاحَق سياسياً من النظام عبر عودة طوعية إلى مناطق آمنة تحدَّد مع الحكومة السورية وUNHCR إذا استطعنا، على أن تقوم الدول المانحة بدفع المساعدات داخل سوريا”.
النزوح
كما تطلب ورقة “الاشتراكي”، كما يقول أبو الحسن، “دعم الدولة المضيفة عبر دعم البنى التحتية وشبكات الأمان والضمان الصحّي ودعم الجيش والقوى الأمنيّة. ونحن نحاول تأمين إجماع على كلّ العناوين كي يستطيع الرئيس ميقاتي الذهاب إلى بروكسل بورقة لبنانية موحّدة”.
يوضح أبو الحسن: “بعد الأحداث الأمنيّة الأخيرة، خصوصاً بعد مقتل باسكال سليمان وياسر الكوكاش وحدوث توتّرات داخلية مرتبطة بالنازحين، أصبح بتّ ملفّ النازحين أكثر إلحاحاً، علماً أنّنا كحزب اشتراكي قاربنا الموضوع منذ 2012 ولدينا خطّة واضحة، وأعدنا طرح مقترحنا عام 2023، وقبل حرب غزة كان هناك بحث لموضوع النزوح، ثمّ حصلت الحرب وتراجع الملفّ إلى الخلف”، مؤكّداً ضرورة بتّ الملفّ “من خلال خطوات عملية بعيداً عن المقاربات الإنشائية”.
هادي أبو الحسن لـ “أساس”: المعنيّان الأساسيّان بملفّ النزوح وركيزتا الحلّ هما الحكومة السورية والدول المانحة أو المجتمع الداعم
يضيف أبو الحسن: “لذلك عندما وضعنا ورقتنا استندنا إلى تجربتنا السابقة وتاريخ أزمة النزوح. وقمنا بالتواصل مع المعنيّين بدءاً من رئيس الحكومة وقائد الجيش والمدير العام للأمن العام، وأساس الورقة يبدأ بضرورة إجراء مسح للّاجئين وتصنيفهم بين فئات متعدّدة. وهنا تكمن أهميّة التنسيق بين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والأمن العام لناحية الأعداد والفئات”.
من جهته استكمل التيار الوطني الحر ضغطه في هذا الملفّ من خلال المؤتمر الذي عقده نواب بيروت في التيار عن “خطر النزوح”، ومطالبة تكتّل لبنان القوي رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان بأن يضع على جدول الأعمال القانون الذي تقدّم به التكتّل عام 2018 بشأن ضبط حركة الدخول والخروج للنازحين، ودعا اللجان النيابية إلى إقرار “كلّ اقتراحات القوانين التي تقدّم بها التكتّل لحلّ أزمة النازحين السوريين”.