قرّرت الحكومة حديثاً كما جهاز الأمن العام اللبنانيّ البحث عن طريقة لبنانية بحتة في مقدورها أن تنهي مرحلة بقي فيها لبنان على حافّة مشاورات مخيّبة، إن لم يكن في مستطاع الأمن العام الحصول على تواريخ دخول النازحين الأراضي اللبنانية التي لم تكن قد شملتها البيانات الخاصّة بهم التي قدّمها للأمن العام مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
لن يبقى لبنان بعيداً عن تطبيق “الخطة ب” التي أعرب المدير العام للأمن للعام بالإنابة اللواء الياس البيسري عن جهوزيتها، في اجتماع خصّص لبحث ملفّ النزوح الأربعاء المنصرم، رأسه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بحضور المنسّق المقيم للأمم المتحدة في لبنان عمران رضا وممثل مفوّضية الشؤون في لبنان إيفو فرايسن. وبحسب معطيات حصلت عليها “النهار” حول النقاط الأساسية التي تتمحور حولها “الخطة ب”، فإنّها تختصر في تحضيرات يأخذها الأمن العام على عاتقه انطلاقا من مستنداته الخاصّة لإعداد “داتا” بيانات حول تاريخ دخول النازحين إلى لبنان على أن يستكمل ترتيب حال السوريين المقيمين على الأراضي اللبنانية بين فئات ثم بلورة الأسس التنظيمية لضبط وجود النازحين. وتأكد أن في استطاعة الأمن العام معرفة تاريخ دخول النازحين وتحرّكات من تنقّلوا منهم بين الأراضي اللبنانية والسورية.
تحدّث رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أيضاً في الاجتماع المخصّص لملفّ النزوح عن قدرة الدولة اللبنانية على اتخاذ إجراءات خاصة بها في حال لم تسلّم مفوضية الشؤون البيانات الخاصّة بتواريخ دخول النازحين السوريين، على أن تعمل الدولة اللبنانية على ترحيل أي شخص دخل لبنان سابقاً خلافاً للأصول أو إن لم يكن حصل على أوراقٍ في مرحلة سابقة تجعل في مقدوره المكوث على الأراضي اللبنانية. ويتبيّن أنّ الدولة اللبنانية لا تتفاءل في إمكان حيازتها بيانات النازحين الكاملة التي طلبتها من مكتب المفوضية، انطلاقاً من أجواء الاجتماع التي لم توحِ بإمكان التوصّل إلى اتفاق سريع بين الدولة اللبنانية ومكتب المفوضية، ما يجعل من “الخطة ب” أكثر معقولية لأن يعمل الأمن العام عليها إن بقيت المفاوضات مقفلة مع المفوضية، وهي خطّة أخذت مباركة رئاسة الحكومة اللبنانية، لكنّها لن تكون بمثابة “كبسة زرّ”، على أن تتّخذ تدابير أكثر تنظيماً مع البلديات اللبنانية حول ملفّ النزوح السوريّ.
في غضون ذلك، يعمل الأمن العام اللبناني على اتخاذ ترتيبات مناطقية للتقليل من وجود النازحين الذين دخلوا لبنان من دون أن يتسجّلوا، إضافةً إلى بحثه عن سبل تحول دون تسلّل النازحين الذين سبق أن حصل ترحيلهم، حيث بدأ العمل على اتخاذ تدابير إضافية للرقابة على المعابر الحدودية من خلال الجيش اللبناني والأمن العام. لكن، يكمن الهدف الأساسي الذي تتوخاه الدولة اللبنانية في الحصول على بيانات دخول النازحين، على أن يحصل ترتيب الموجودين بين فئات على أن يبقى في لبنان من يستحق ذلك حصراً. وفق المعطيات أيضاً، أبلغت الحكومة اللبنانية المفوضية أنها ستعمل على تطبيق القوانين اللبنانية في ملف النازحين السوريين، مع اتخاذ الدولة اللبنانية قرارها باتخاذ إجراءات تنظيمية أحادية خاصّة في الصدد إن بقيت المفوضية بعيدة عن التعاون الذي تطلبه الحكومة.
يعتمد حراك الحكومة اللبنانية وجهاز الأمن العام اللبناني على تحفيز مستمدّ يشكّل شبه إجماع وطنيّ على ضرورة التوصّل إلى حلّ نهائي في ملف النزوح السوريّ، انطلاقاً من تفاصيل تدريجية لإنهاء الوضع الراهن في الداخل اللبنانيّ على أن يرجع النازحون السوريون إلى مناطق آمنة في سوريا، إن كان على نطاق مناطق نفوذ النظام السوريّ أو المعارضة السورية بحسب انتماءاتهم، وأن يحصلوا على المساعدات في بلدهم أيضاً. ويطمح من يعمل على ملف النزوح في لبنان لأن تكون هناك قدرة على ترحيل النازحين الذين لا يحبّذون الرجوع إلى بلدهم، على أن ينتقلوا إلى بلد آخر يستقبل النازحين وأن تهتم مفوضية الشؤون في أوضاعهم خارج لبنان. وفيما ثمة استفهامات حول الأسباب التي جعلت الحكومة اللبنانية وجهاز الأمن العام اللبناني يقرران التلويح بتنفيذ “الخطة ب” التي يمكن اعتبارها جاهزة لبدء العمل عليها، فإنّ من يتابع ملف النزوح على نطاق رئاسة الحكومة اللبنانية يستنتج أنّ ثمة مخاوف لا بدّ التوقف عندها من تفاقم تبعات النزوح خصوصاً في ظلّ الولادات السورية على الأراضي اللبنانية والتوجس الذي لا يمكن إغفاله من أن يتحوّل اللبنانيون إلى أقلية في بلدهم إن لم تتحرك الدولة اللبنانية سريعاً بهدف البحث عن حلول، حتى وإن خاصّة، للتخفيف من الأزمات وتنظيم النزوح.