إلى جانب المواجهة العسكرية التي يشهدها لبنان بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، هناك حروب أخرى مفتوحة على مصراعيها، أهمها الحروب الأمنية المتعلقة بالاتصالات، والتي تقول بعض التقارير إن إسرائيل تستند عليها للوصول إلى عدد من قيادات الحزب، الذين تتمكن من اغتيالهم أو استهدافهم بعد رصد تحركاتهم.
ما كشفه الحزب الاشتراكي
هي معركة جديدة وطويلة ولكنها معقدة جداً يخوضها لبنان. لا سيما في ظل معطيات ديبلوماسية ودولية تتوفر على الساحة اللبنانية، حول أن إسرائيل لا تريد شنّ حرب على لبنان، لأنها غير جاهزة وغير قادرة على ذلك. ولكنها ستستعيض عنها بالمزيد من الخروقات الأمنية أو إثارة الإشكالات الداخلية بين المكونات السياسية والطائفية.
فيما يتعلق بالاختراقات الأمنية للاتصالات، فقد صدر عن مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي البيان الآتي: في ظل ما يتعرض له لبنان من عدوان إسرائيلي وحشي، وانكشاف أمني خطير، في ظل استهتار رسمي غير مبرّر، تخرق إسرائيل خصوصيات اللبنانيين واتصالاتهم، من خلال التنصّت على المكالمات الهاتفية عبر الكابل البحري الذي يربط لبنان بقبرص. وإذ يدعو الحزب التقدمي الاشتراكي المعنيين للتحرّك فوراً لوقف هذا الخرق، يستغرب موافقة لبنان في العام 2022 على إنشاء كابل CADMOS 2 الذي يربط لبنان بمحطة إنزال “بنتاسخينوس” التي تحوي الكوابل الإسرائيلية JONAH وARIEL التي تربط حيفا وتل أبيب بقبرص. ويستهجن الحزب التقدمي الاشتراكي عدم اتخاذ أي إجراءات احترازية من قبل لبنان، يمنع مثل هذا الخرق الكبير. مرة جديدة يتحوّل الإهمال الرسمي إلى فضيحة، بل إلى جريمة. وعليه، يدعو الحزب التقدمي الاشتراكي إلى اعتبار المعلومات التي نُشرت بهذا الخصوص بمثابة إخبار للقضاء والأجهزة الأمنية والقضائية المختصة، لوضع حد للجريمة المرتكبة باسم “قدموس”، بما تحمله من اعتداء حالي، وانتهاك لتاريخ الحضارة الفينيقية والإغريقية ولتاريخ اللبنانيين وحاضرهم ومستقبلهم وأمنهم”.
تصوير ورصد
حرب أمنية أخرى يشهدها لبنان، تتصل باستمرار الأجهزة الأمنية اللبنانية بإلقاء القبض على عناصر أجنبية تتجول في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتعمل على رصد أو تصوير مواقع ومناطق معينة. وحسب المعلومات، تم في الأيام الماضية إلقاء القبض على شخصين أحدهما يحمل الجنسية الأوكرانية، والآخر يحمل الجنسية الأذربيجانية في الضاحية الجنوبية، يعملان على تصوير مواقع. وقد جرى التحقيق معهما. علماً أنها ليست الحادثة الأولى. إذ قبل أشهر ألقي القبض على أشخاص يحملون جوازات سفر ديبلوماسية، وقد تم إطلاق سراحهم بعد تدخل سفاراتهم.
اختراق اجتماعي
تحدّ آخر يتصل بالوحدة الوطنية اللبنانية، بعدما تبيّن أن هناك محاولات إسرائيلية لاستخدام بعض العرب المتعاونين مع إسرائيل داخل فلسطين، للتواصل مع لبنان والعمل على إقناعهم بزيادة منسوب التحريض ضد حزب الله. حتى أن هناك جهات تحاول العمل على نقل مساعدات مالية إلى لبنان متخذة أغطية دينية. وهو ما يُنظر إليه في لبنان بعدم الإرتياح والحذر، لما يمكن أن يكون لذلك تأثير سلبي على الواقع الداخلي. خصوصاً أن الإسرائيليين وفي حال انعدام قدرتهم على شنّ الحروب يلجؤون إلى العبث داخل البيئات والطوائف المختلفة. هذه المحاولات هي التي استدعت تفعيل حركة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط لعقد مصالحة درزية، وإصدار موقف جامع يعبّر عن تمسك الدروز بموقفهم الطبيعي والتاريخي العروبي ودعمهم الكامل للقضية الفلسطينية ولمقاومة إسرائيل، لا سيما بعد محاولات كثيرة من قبل اسرائيل للعبث في ساحات الدول الداخلية أو البيئات المختلفة، كنوع من تعويض عن حرب لا تبدو أنها قادرة على شنّها، فتهدف إلى إثارة المشاكل الداخلية في الدول المجاورة.