تيمور يقمع نائب الإقليم: لا للهجوم على الحريري

يُدرك الحزب التقدمي الاشتراكي خصوصيّة علاقته مع أهالي إقليم الخروب. وهؤلاء توزّعت غالبيتهم في العقود الأخيرة بين «جنبلاطيين» و«حريريين». وهو ما دفع الطّرفين إلى تثبيت التحالفات الانتخابيّة وربط النزاعات على قاعدة الاتفاقات الجانبية بين المسؤولين المحليين، ومراعاة «شعرة الإقليم»، حتّى في عز الخلافات بين الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب وليد جنبلاط. ومع ذلك، فإن الأمر لم يعد يستوي حالياً، حيث تبدو مواقف النائب بلال عبدالله «مستفزّة في كثير من الأحيان» لتيار المستقبل، الذي يتهمه بالسعي دوماً إلى تجيير المشاريع الإنمائيّة لمصلحة المختارة، إلى حد شكره الدائم لجنبلاط على إطلاق مشاريع، كان تيار المستقبل يطرحها ويرفض الحزب الاشتراكي تنفيذها!يبدو أن «زلة» عبدالله هذه المرّة كانت أكبر، فهي طاولت الأمين العام لـ«المستقبل» أحمد الحريري. وهو ما دفع رئيس الحزب الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، إلى التدخّل لفضّ الخلاف الدائر بين نائبه وعدد من عائلات بلدة برجا دفاعاً عن ابنة البلدة، عضوة مجلس نقابة الأطباء الدكتورة غنوة الدقدوقي، بعدما تحوّل هذا الخلاف إلى أزمةٍ على مستوى العلاقة بين «الاشتراكي» وتيّار «المستقبل».
ويعود الخلاف، الذي أدى إلى تراشق واتهامات بين عبدالله وعائلة الدقدوقي وبعض أبناء برجا، إلى طلب الدقدوقي من عبدالله في أيار الماضي، الضغط على المعنيين في نقابة الأطباء لاحترام الميثاقية داخل مكتب المجلس والحفاظ على المقعد السني فيه، بعدما سرت شائعات عن نيةٍ لاستبعاد السنّة ودخول أحد الأعضاء المحسوبين على «حركة أمل»، على اعتبار أن لا وجود لتثبيت هذا العُرف.
وبينما انتظرت الدقدوقي من نائب الإقليم أن يدعم عودتها إلى المكتب، خصوصاً بعدما صرّح مطالباً باحترام الميثاقيّة، إلا أن المفاجأة كانت باختيار الطبيب محمد الحاج (من بلدة عانوت)، علماً أنّ الأخير نال رقماً ضئيلاً في الانتخابات النقابية وكان عضواً رديفاً، قبل أن يدخل إلى المجلس بعد وفاة أحد الأعضاء. ولم يتوقّف عبدالله عند إصرار «المستقبل» على ترشيح الدقدوقي خلال اجتماعٍ عُقد لمنسقي المهن الحرّة في النقابات في مقر «التيّار الوطني الحر». ويقول مسؤولون في تيار «المستقبل» إن الدقدوقي «هي الأحق باسترجاع مقعدها، كونها حصلت على النسبة العليا من عدد المقترعين خلال ترشيحها إلى المجلس»، فيما تمسّك عبدالله باستبعادها، وهو ما دفع «المستقبل» إلى الطلب من الدقدوقي الانسحاب من المعركة، وأصدار بيان ينتقد الحزب الاشتراكي من دون تسميته، علماً أن الدقدوقي تتحدث عن «طعنة غدر» (كما كتب شقيقها حامد على صفحته) ومحاولة لتهميشها، فيما ردّ عبدالله أنها لم تفاتحه في رغبتها بالترشّح إلى عضويّة المكتب، لتعود الدقدوقي وترد أن لديها تسجيلات صوتية تدحض ما يقوله ابن شحيم!
بقيت الأمور هادئة نسبياً، حتى زار أحمد الحريري منزل الدقدوقي لتأدية واجب العزاء في وفاة والدها، وصرّح الحريري أن «ما حصل في نقابة الأطباء عمل سياسي وليس عملاً نقابياً، وقد وصلتنا رسالته، وسيكون لنا اجتماع مع قطاع الأطباء لتحديد التوجهات المستقبلية، والتمييز بين من وقف معنا ومن لم يقف، لأن بعض القوى حاولت إيجاد مخرج لما حصل». وتوجّه إلى الدقدوقي قائلاً: «ما حصل معك لم يحصل مع د. غنوة إنما مع تيار المستقبل».
هذا الكلام استفزّ عبدالله الذي أصدر بياناً هاجم فيه الحريري والدقدوقي من دون أن يسميهما، إذ قال: «جواباً على من فبرك نظرية الغدر اليوم، وعلى من يعلن عودته للسياسة من باب إقليم الخروب عبر لعب دور الضحية، وكأننا كنا عقبة أمام استمراره فيتحمل مسؤولياته تجاه أهله ومجتمعه… ومن غدر بسعد الدين الخطيب تعرفه الناس».
أحدث هذا البيان بلبلةً في صفوف «المستقبل»، وردت على عبدالله، قبل أن يسارع الخطيب الذي كان مرشحاً على لائحة جنبلاط عن المقعد السني، إلى الاتصال بتيمور جنبلاط ثم زيارته في المختارة الأحد الماضي، محذّراً أن نيته الرد على عبدالله، ما سيؤدي إلى أزمةٍ على مستوى العلاقة بين الطرفين.
فهم جنبلاط أن بيان عبدالله سيورّط حزبه ويؤدي إلى انشقاق بين جمهورَي الاشتراكي والمستقبل في إقليم الخروب، فيما «المختارة» بغنى عن ذلك في الوقت الحالي، مردّداً بأنّه «لا يقبل بما صدر عن عبدالله». ولذلك، كان حازماً وأصدر أمره الحزبي إلى عبدالله بضرورة سحب بيانه فوراً، وهو ما فعله نائب الإقليم. كما طلب منه وقف السجالات مع الدقدوقي على وسائل التواصل الاجتماعي وعدم التعرض لها من قبل المحسوبين عليه. في المقابل، لم تمسح الدقدوقي البيانات الموجّهة إلى عبدالله عن صفحاتها.

اترك تعليق