فجّر الرئيس الأميركي جو بايدن قنبلة سياسية، معلناً تنحيه عن السباق الرئاسي، ما يُشير إلى أن ضغوط رموز الحزب الديمقراطي، وبطليعتهم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وزعيم الحزب تشاك شومر، أثمرت، والحزب بصدد اختيار مرشّح آخر في الأيام والأسابيع المقبلة.
لم يُدل بايدن بالكثير من التفاصيل، وقال إنّه سيتحدّث عن قراره في وقت لاحق، لكن قد يكون بايدن استبق زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة واللقاء معه، لتجنّب المزيد من الهجوم، وليقول إن القرار جاء قبل زيارة نتنياهو، ولا علاقة للأخير به.
Ads by Ad.Plus
لم تتضح بعد أسباب انسحاب بايدن، لكن على الأرجح إن استطلاعات الرأي والضغوط الديمقراطية كانت مكمّلة لبعضها، ما دفع بايدن للرضوخ للواقع، خصوصاً وأن حالته الصحية لم تلعب دوراً إيجابياً في الفترة الأخيرة، والهفوات التي زادت نسبتهاً كان وقعها سلبياً على واقعه الانتخابي.
وإلى جانب الضغوط المُعلنة، قد يكون ثمّة ضغوط غير معلنة قادتها اللوبيات الإسرائيلية في الولايات المتحدة، كون إسرائيل ومجموعات الضغط التابعة لها في أميركا غير راضين عن موقف الإدارة الأميركية لجهة منع بعض شحنات الأسلحة والدفع باتجاه تسويات سياسية بدل دعم خيارات الحرب حتى النهاية.
بايدن المنسحب أبدى دعمه وتأييده لترشيح نائبته كامالا هاريس، لكن القرار لم يُتخذ بعد وإن كانت نائبة الرئيس الأوفر حظاً، وفي أول تعليق له، قال المرشّح الجمهوري دونالد ترامب إن هزيمة هاريس ستكون أسهل من هزيمة بايدن، معتبراً الأخير أسوأ رئيس للولايات المتحدة في التاريخ.
إلى ذلك، فإن الأنظار شاخصة على زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة ولقائه مع بايدن ومن ثم الكلمة المنتظرة في الكونغرس، وبعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي تعديله كلمته بعد مُحاولة اغتيال ترامب، يبدو أنّه سيعدّلها مرّة أخرى بعد انسحاب بايدن لتتماشى مع كون الإدارة الأميركية منتهية بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل.
ثم أن عاملاً جديداً قد يدفع بنتنياهو إلى تعديل كلمته أيضاً لتماشى مع الواقع الجديد في منطقة الشرق الأوسط، وهو التصعيد الكبير والخطير بين إسرائيل والحوثيين، إذ شهدت نهاية الأسبوع الماضي تطورات دراماتيكية بعد استهداف الحوثيين تل أبيب وضرب إسرائيل ميناء الحُديدة اليمني الخاضع لسيطرة الحوثي.
اتخذت الحرب منعطفاً جديداً أكثر خطورة، وتحوّل الإقليم الى قنبلة موقوتة، فالحوثيون تعهدوا بتصعيد الهجمات، ثم أنها المرّة الأولى التي تضرب إسرائيل دولة أخرى غير لبنان وسوريا منذ سنوات، ما يُشير إلى أن احتمالات الانزلاق نحو حرب إقليمية أوسع تزداد مقابل فشل كل المساعي الدبلوماسية لوقف الحرب في غزّة أو باقي المحاور.
التصعيد لم يتوقف على اليمن، بل إن للبنان نصيباً أيضاً، تمثّل بضربة عدلون النوعية والخطيرة أيضاً، فالقصف القريب من منطقة صيدا استهدف مخزناً عسكرياً تابعاً لـ”حزب الله” حسبما زعم الجيش الإسرائيلي، وأكّدته الانفجارات الضخمة التي هزّت المنطقة نتيجة انفجار الصواريخ المخزّنة.
مراقبون أشاروا إلى أن ضربة عدلون تحمل رسائل متعدّدة، منها ما هو رد على الضربات النوعية التي قام بها “حزب الله” في الفترة الأخيرة شمال فلسطين المحتلة مستهدفاً مواقع غير مستهدفة سابقاً، ومنها ما هو رسائل للداخل الإسرائيلي بعد تصعيد الجبهات، مفادها أن إسرائيل لا تزال تُسيطر على المشهد العسكري والمبادرة بيدها لا بيد المحور الآخر.
في المحصّلة، يبدو أن المنطقة على شفير الهاوية، وأسهم الحرب أعلى من أسهم التسويات حتى الساعة، ومنعطف انتخابات الرئاسة الأميركية لا يخدم في تهدئة الأمور مع استثناء واحد، أن بايدن قد يدفع بكل قوته لإنهاء الحرب كونه لم يعد يقلق من الغضب الإسرائيلي عليه بعد إعلانه التنحي، لتحقيق خرق وحيد بعد ولاية مليئة بالحروب والصدامات، من أوكرانيا إلى غزّة.