تطورات كبيرة يشهدها لبنان منذ بدء العدوان الإسرائيلي على الجنوب، وصولاً إلى واقعة مجدل شمس الخطيرة بخلفياتها وأبعادها. والتي تستغلها إسرائيل لمواصلة تهديداتها للبنان بتنفيذ ضربة قريبة. فكيف ستكون الأيام المقبلة وسط هذه التحذيرات والتهديدات؟
“حرب تختلف عن كل الحروب التي عشناها”، كما وصفها أستاذ العلاقات الدولية د. خالد عزي في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، مضيفاً أن إيران تحاول، قبل تنحي بايدن عن الحكم، أن تجد لنفسها مكاناً في الملفات العالقة، خاصة الملف النووي الذي تسعى الإدارة الأميركية إلى إعادة النظر فيه، لأن تكون إيران على طاولة المفاوضات بعد انتهاء حرب غزة. وتابع “نحن على وشك تغيير واضح في الإدارة الأميركية، واحتمالية أن تكون كامالا هاريس في رئاسة الجمهورية بإدارتها مختلفة عن إدارة بايدن، فالتصعيد لن ينتهي قبل معرفة من سيكون القادم إلى البيت الأبيض، وعلينا أن نتوقع مراحل من الانفراجات والتعثرات خلال الشهرين القادمين”.
أزمة إقليمية وضبط العمليات
ضبط العملية الحربية يكاد يكون محسوماً دولياً، بدليل أن الطرفين في تصريحاتهم لا يريدون الحرب، وأميركا لم تعطِ إسرائيل الضوء الأخضر للهجوم على لبنان. هذا لا يعني أن إسرائيل لا تستطيع الهجوم، لكنها تدير عدة جبهات، وأميركا تركز على الانتخابات الرئاسية، إذ يعتبر العزي أن “إسرائيل ستعمل على الرد لأن معركتها هي معركة وجود، أما حزب الله، الذي ينفذ أجندة إيرانية، يربط مصير الحرب بانتهاء المعركة في غزة بينما إيران لا تريد الدخول في معركة مباشرة لأنها تعرف أنها ستخسر”.
ويضيف العزي “الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تصدر تصريحات غير مسؤولة، وهذا يضر بموقفها أمام الرأي العام العالمي، نحتاج إلى وقف المعارك في غزة والبدء في بناء دولة فلسطينية مستقلة. حماس جزء من النسيج الوطني الفلسطيني، ولا يمكن ضربها أو إقصاؤها، لكنها بطبيعة الحال لا تستطيع أخذ الشعب الفلسطيني نحو مشاريع خارجية”.
“قضية مجدل الشمس خلطت الأمور، ولا يمكن بناء تصور كامل إلا بتحقيقات مؤكدة، إلا أنه من المؤكّد أن الرد الإسرائيلي سيكون حتمياً ولكن غير معلوم الشكل ولا التوقيت، ونتنياهو سيستغل الموقف لتنفيذ أعمال ضد لبنان وسوريا، لكن هناك موقف أميركي وأوروبي وعربي ضاغط لمنع الاحتلال من ضرب البنى التحتية اللبنانية”.
ما الذي يحمي لبنان؟
ما يحمي لبنان ليس المواقفت، بحسب العزّي، “بل الشروع في تنفيذ القرار 1701 وإعادة ترسيم الحدود، وانتشار الجيش اللبناني بمساعدة قوات الطوارئ الدولية، والدولة اللبنانية يجب أن تتحمل المسؤولية وتعيد المهجرين وتوفر لهم خطة اقتصادية للعيش بكرامة”.
إضافة إلى ذلك يجب العمل على “إعادة بناء مؤسسات الدولة وانتخاب رئيس جمهورية يعيد الحياة ويحافظ على لبنان وهي الخطوات التي تضمن حماية البلاد، وبالطبع تطبيق القرارات الدولية أهمها 1701”.
لطالما كان لبنان، بلد “الترقّب” الدائم لضربات وحروب متوالية، إلا أن الأمر هذه المرة قد يكون مختلقاً في ظل التطورات الإقليمية الحاصلة والتغيّرات الدولية تجاه مكانة الاحتلال الإسرائيلي، لذلك لا جواب قاطع حول ما إذا كانت الضربة ستؤدي إلى جر المنطقة لحرب شاملة، إنما المؤكّد هو أن لبنان، بكافة الأحوال، سيدفع ثمنا باهظا مهما كانت النتائج!