ترصد معظم الأوساط السياسية والديبلوماسية والعسكرية الساعات المقبلة من زاوية اعتبارها اللحظات الأخيرة من العدّ العكسي لاندلاع مواجهة يصعب التكهن مسبقاً بحجمها ومدتها، ولكنها ستكون على قدر قاسٍ وبالغ الحذر والخطورة من إمكان أن تتسبب بإشعال حرب إقليمية. والواقع أن مؤشرات الرد الإيراني على إسرائيل لاغتيال الأخيرة في طهران رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية تقدمت في التوقيت “الافتراضي” على الرد المتوقع أيضاً من “الحزب” على اغتيال إسرائيل الرجل العسكري الأول في الحزب فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت.
ولكن أي مؤشرات أو أي معطيات بدت عاجزة عن الجزم بما إذا كان الردان، ومعهما “إسنادات” لأذرع إيران في العراق واليمن وسوريا، سيكونان متزامنين أو منفصلين علماً أن ترجيح توقيت الردّ الإيراني بات حديث الساعة إقليمياً ودولياً منذ يومين. ولذا سيكتسب انتظار ما سيطلقه السيد نصرالله من مواقف في الكلمة التي سيلقيها في الخامسة من عصر اليوم في ذكرى أسبوع على اغتيال شكر، أهمية توصف بالمفصلية لجهة أنها قد تحمل مؤشرات رمزية أو مباشرة حيال التوقيت المحتمل للرد الانتقامي للحزب على إسرائيل وربما أيضاً طبيعته وحجمه الى حدود معينة.
ولكن حتمية المواجهة، في الردّ المنتظر لإيران و”الحزب” والردّ الإسرائيلي على الرد، لم يعد يحتاج إلى أي مؤشرات إذ أن المنطقة برمتها باتت تقيم على صفيح ساخن جراء ما بدا من اصطدام قنوات الديبلوماسية الوسيطة بجدار الأخفاف في خفض التوتر وتبريد نفير المواجهات الحربية من خلال محاولات لتحديد ردّ ايران وحلفائها بما لا يشعل رداً إسرائيلياً كبيراً، وهو الأمر الذي ثبت إخفاقه أقله وفق ظواهر الأمور حتى الآن.
المغادرة والطيران
وسط هذه الصورة التشاؤمية التي تختصر دق نفير المواجهات بدا لبنان في عز استنفاره تحسباً للتطورات الحربية إذ تكثفت بشكل كبير حركة المغادرين عبر مطار رفيق الحريري الدولي في الأيام الثلاثة الأخيرة، فيما تواصل اطلاق الدول الأجنبية والعربية الدعوات إلى رعاياها لمغادرة الأراضي اللبنانية على الفور وسط تصاعد التوتر بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي ورد تل أبيب المرتقب. وأمس حضّت الخارجية اليابانية رعاياها في لبنان على المغادرة.
كذلك، دعت تركيا مواطنيها إلى مغادرة لبنان. وعلمت “النهار” أن المسؤولين الرسميين المعنيين تبلغوا من جهات دولية وعربية عدة إمكان بدء تفعيل عدد من الدول خطط ترحيل رعاياها من لبنان بحراً وجواً إذا تفاقمت الأمور وأصبحت خطط الإخلاء امراً لا بد منه.