الجبهة العسكرية شهدت في الساعات الاخيرة تدحرجا خطيرا، تكثفت فيه الاعتداءات الاسرائيلية على مختلف المناطق اللبنانية المحاذية لخط الحدود، قابلها تصعيد ملحوظ لعمليات “حزب الله” ضدّ مواقع الجيش الإسرائيلي والمستوطنات والقواعد العسكرية في العمق الإسرائيلي.
في هذه الاجواء، قالت مصادر حكومية لـ”الجمهورية” إن لبنان يتحرّك على خطين؛ الأول من خلال اتصالات حكومية مكثفة مع جهات دولية مختلفة لوقف الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، والثاني في اتجاه تأكيد العلاقة الطيبة مع قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب وكذلك تأكيد التمسك بمهمتها في سياق التزام لبنان الكلي بمندرجات القرار 1701.
في ما خص الخط الأول، قال رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي “إنّ الاتصالات الديبلوماسية ناشطة في أكثر من اتجاه لوقف التهديدات الاسرائيلية ضدّ لبنان، وعلى خط آخر للتوصل الى وقف لاطلاق النار في غزة”. وأوضح أنّ “ورقة الحكومة اللبنانية التي تظهر القواعد الهادفة إلى تحقيق الاستقرار على المدى الطويل في جنوب لبنان والتي اعلناها نهاية الاسبوع، تحدد الأسس الواضحة للحل وابرزها خفض التصعيد لتجنب دوامة العنف المدمرة وان يقوم المجتمع الدولي بدور حاسم وفوري في تهدئة التوترات وكبح العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان”. وشدد على أن “الرسالة الأبلغ التي يشدد عليها في كل لقاءاته واتصالاته الديبلوماسية هي تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1701 هو حجر الزاوية لضمان الإستقرار والأمن في جنوب لبنان”.
وفي ما خص الخط الثاني، أكد ميقاتي أن “لبنان متمسكٌ بمهام اليونيفيل”. وفي السياق ذاته جاء بيان قيادة الجيش امس، التي نفت ما ما قيل عن توقف الدوريات المشتركة بين الجيش واليونيفيل، مؤكدة على “أن الوحدات العسكرية تُواصل تنفيذ المهمات المشتركة مع اليونيفيل، والتعاون والتنسيق الوثيق معها، وذلك ضمن إطار القرار 1701، في ظل الظروف الاستثنائية والتطورات التي تشهدها البلاد ولا سيما الاعتداءات المستمرة من جانب العدو الإسرائيلي”.
واذا كان المتوخى من الاتصالات الحكومية هو وقف العدوانية الاسرائيلية تجاه لبنان، التي يعبر عنها بكثافة الاعتداءات على المناطق اللبنانية، والتهديدات المتتالية بعمل عدواني ضد لبنان، إلّا أن الحراك المرتبط بقوات “اليونيفيل”، فرضه الاشكال الاخير الذي حصل في بلدة كفر حمام واحدث التباسا بين وحدة من الجيش اللبناني خلال مواكبتها دورية للكتيبة الفرنسية، امكن حله على مستوى قيادتي الجيش واليونيفيل.
الا ان ما جرى في كفر حمام، قاربه مسؤول كبير باستغرب وريبة، وخصوصا انه، كما قال لـ”الجمهورية”، يأتي في الوقت الذي بدأت فيه المناقشات على مستوى الدول للتمديد السنوي لقوات اليونيفيل في الجنوب، الذي ينتظر صدوره في 31 آب الجاري.
وكشف المسؤول عينه “ان لبنان، وانطلاقا من التزامه بالقرار 1701، وحرصه على بقاء قوات اليونيفيل في الجنوب، قام بالإجراء الروتيني في أواخر حزيران الماضي عبر توجيه رسالة من وزارة الخارجية الى الامين العام للامم المتحدة طلب فيها تمديد ولاية اليونيفيل سنة اضافية. وبالفعل تم توزيع نسخات من مسودة لقرار التمديد اعدتها فرنسا، على الدول المعنية، ومن ضمنها لبنان، حيث تسلمنا بعد فترة قصيرة نسخة من هذه المسودة، وقمنا بدراستها، ووضع بعض الملاحظات عليها، ويمكن تسميتها تعديلات بسيطة لا تمس جوهر مهمة اليونيفيل. كما نص عليها القرار 1701.
واوضح المسؤول عينه الى أن المسودة الفرنسية تكاد تكون صورة طبق الاصل عن صيغة التمديد السابق لليونيفيل في 31 آب 2023. وفضل الا يكشف عن مضمون الملاحظات او ما سماها التعديلات البسيطة، الا أنه اكد ان لبنان يتمسك بالتنسيق الكامل بين اليونيفيل والجيش اللبناني في المناطق المشمولة بالقرار 1701.
وامل الا تحصل مداخلات او طروحات بقواعد جديدة تعيق صدور قرار التمديد، او تخلق اشكالات والتباسات، على نحو ما جرى خلال فترة التمديد السابق، وقال: حتى الآن لا شيء يوحي بذلك، والجو العام يميل الى تمديد سلس.
وردا على سؤال ذكّر المسؤول عينه بالالتباس الذي حصل خلال التمديد السابق في العام الماضي، الذي انتهى الى تعديلات عارضناها، حيث منح التمديد آنذاك اليونيفيل حق القيام بمهامها بصورة مستقلة بمعزل عن الجيش اللبناني. وتسيير الدوريات المعلن وغير المعلن عنها دون مؤازرة او ابلاغ الجيش اللبناني. والنتيجة التي تبدت على أرض الواثع، تجلت في أن هذا التعديل لم يتم تطبيقه بصورة حرفية حيث استمر الحال على ما كان عليه وفق تمديد من 31 آب 2022 الى 31 آب 2023، جراء “تفاهم أدبي” بيننا وبين اليونيفيل وبين الجيش واليونيفيل، حتى لا تحصل اي اشكالات بين اليونيفيل واهالي المناطق الجنوبية، حيث استمرت الدوريات بالتنسيق مع الجيش اللبناني. والمحاولات القليلة التي جرت فيها دوريات مستقلة لليونيفيل بمعزل عن الجيش تسببت باشكالات ومواجهات مع الاهالي كما حصل في بعض القرى.
ويشير المسؤول عينه الى ان المسودة الفرنسية تلحظ التطورات الامنية المستجدة منذ تشرين الاول من العام الماضي، وتدعو جميع الاطراف الى الالتزام بالقرار 1701، وتؤكد على الحاجة في المنطقة الى حل ديبلوماسي يُعيد اليها الأمن والإستقرار. وكذلك على الحاجة الملحة الى حل سياسي يثبت الامن والاستقرار بصورة مستدامة على جانبي الحدود الجنوبية.