عند “محطة” ابراهيم كنعان من سلسلة محطات التيار الوطني الحر وٌجب التوقف ليس للحظات إنما لزوم الوقت الكافي في محاولة “فلفشة” سلوكه مع الحزب وهو الاكثر قربا” من المؤسس العماد ميشال عون منذ اّواخر الثمانينات ، وشكل طوال غياب الجنرال عينه وأذنه لدى أعلى مرجعية مسيحية وهي البطريركية المارونية ، حيث كان “يخطف رجله” كلما حانت الفرصة كي يسافر من لندن الى لبنان من أجل شرح نهج الجنرال وتقريب وجهات النظر مع سيد الصرح ومع مرجعيات سياسية أخرى … نجح كنعان في مهمته بشكل ممتاز بالرغم من الاخطار التي كانت محدقة بحياته .
أما مسألة “صرف” نتائج هذا الجهد عمليا على الارض تتطورت الى مرتبة القول : أن كنعان هو ظل الجنرال ورأس الحربة عنده وأمين سر تكتله ورئيس لجنة المال التي كانت مهمة وجوهرية للرئيس عون ، في الحالات الثلاث كان أمينا” للوزنات التي حملها وربما زاد عليها أوزان من خلال تكليفه بأصعب مهمة وهي التمهيد لمجيء الجنرال عون رئيسا للجمهورية مع أصحاب الخصومة الاكبر له وهي القوات اللبنانية ، وهنا كان المفصل الاهم في حياة النائب كنعان وليس سهلا القول على الاطلاق : أن كنعان ساهم من أصل 360 درجة بال 180 كاملة لدورة الانتخابات الرئاسية .
وعرف كنعان النائب في كتلة التيار الوطني الحر كيف نصب أشرعته للوصول الى بر الاّمان على الصعيد الشخصي وفق التالي :
– إبتعد عن مخالفة القوانين ووضع نصب عينيه محاولة تطبيقهابكل ما أوتي من قوة ، أما لنفسه فوضع حاجزا إسمنتيا أمامه لعدم الدخول في نفق الفوضى العارمة التي عصفت بالبلاد من نهب وسرقة .
– واقع الامر أن كنعان لم يلوث أي كف من يديه بالمال الحرام وهذا ما تسجله له كافة القوى السياسية وحتى من هم على خصام معه الذين أقروا بنظافة كفه وعفة لسانه ولم تخرج من فمه أية كلمة جارحة ، هكذا مارس العمل السياسي منذ أكثر ثلاثين عاما .
– بعلم الجميع القريب والبعيد أن “سلة ” امواله نتاج تاريخ والده الراحل يوسف كنعان وأشقائه وهو على غير نواب اّخرين في المجلس ، يصرف من ماله الخاص على حملاته الانتخابية ومساعدة الناس ، وعلى وقع الفساد الجاري في لبنان على نطاق واسع لم يقترب كنعان من صناديق الدولة أو مؤسساتها وهذا يٌسجل له مع القلائل من السياسيين .
وفي السياسة والتيار الحر لطالما حمل كنعان “إزميله” لتزبيط المواقف المروسة محاولا عند كل أزمة تحويل الالوان السوداء القاتمة الى ما يقرٌب وضوح الصورة واللون ، وهذا ما نجح به في اكثر من مفصل ، وهو اليوم عند الطاريء داخل التيار الوطني الحر لم يرسل خلال مؤتمره الصحفي أية إشارة فاقعة أو كلام من خارج خطاب الاّداب والسلوكيات ، بل أطلق ما يمكن تسميته بمحاولة لرأب الصدع بين التيار وبعض النواب تحت عنوان “قوتنا بوحدتنا” وهذا يشكل منطلقا وإن كان عملا متعبا” ، وهو المعتاد على المهمات الصعبة واضعا” للعماد عون “الهالة” التي يستحقها “هذا القائد الملهم فألهمنا وألزمنا” ، وتوقف أمام سؤال مفصلي : “أين نمارس عملنا الحزبي إذا ضاع الوطن؟ و “إن المرحلة الراهنة تتطلب لمّ الشمل والحفاظ على دور التيار ووحدته وثقله النيابي” .
وإذا كان مبدأ الإنصاف جائزا” في هذه المرحلة المصيرية لا بد من ترك الرجل يحاول ويحاول مرارا” وهو الباقي في التيار نائبا ومشرعا” ، ولتعطى له فرصة ليس لينتج على الصعيد الشخصي إنما للعامة من التيار خصوصا أنه ” ليس طارئاً على المبادرات أو مناورا” ولا يقوم بأجندات شخصية أو تصفّية حسابات ” ، مع معرفته الخالصة بما جرى للعديد من الاحزاب التي وصلت الى الانهيار … لا ضير من الاستماع “لرسالة ” نائب تكتل لبنان القوي المحامي ابراهيم كنعان … لأن القضية تستأهل .