عادت أزمة الكهرباء لتهدّد حياة اللبنانيين تحت عنوان “العتمة الشاملة”، فيما يرزح البلد تحت التهديد بحرب شاملة تُنذر بعواقب كارثيّة، مع تكدّس الملفات الاقتصادية والمعيشية والغذائيّة، والاجتماعية وغيرها…
أزمة مزمنة تتجدد من حين لآخر، بسبب نقص الوقود اللازم لتغذية معامل إنتاج الطاقة الكهربائية ويعد معملا “الزهراني” و”دير عمار” المعملين الأساسين لإنتاج الكهرباء. ومع عدم تأمين الفيول، توقفت حكما التغذية عن المرافق العامة كالمطار والمرفأ ومؤسسات المياه والإدارات الرسمية وسواها.
وفي المعلومات، لقد انخفضت مطلع شهر تموز مستويات مخزون الديزل الأحمر في المحطات إلى مؤشر خطير، وذلك بسبب عدم توريد أي شحنة بموجب اتفاقية التبادل العراقية، خلال شهر حزيران. ولم تسفر المفاوضات التي أُجريت في السابق مع الأردن والعراق، لإمداد لبنان بالوقود والكهرباء حتى الآن، عن نتيجة تساهم في حل الأزمة، لذلك وصلنا الى “العتمة الشاملة”.
تجدد الأزمة
وفي ضوء هذه التطورات، ان الازمة القديمة المتجددة للكهرباء، تهدد هذه المرة المرافق العامة والخاصة أيضا، فمثلا مع انقطاع الكهرباء في المستشفيات، يتوقف تشغيل بعض الأجهزة الحيوية، كأجهزة التنفس الاصطناعي التي تعدّ شريان الحياة، وأجهزة التبريد في أقسام المستشفيات، كما تؤجل العمليات الجراحية،.
ولنقابة المستشفيات دور بإطلاق صرخة تحذيرية من الوضع الكارثي الذي سوف تصل إليه مع غياب الكهرباء، وايضا الصيدليات ستطلق صرختها بعد تراجع مخزون الأدوية.
لكن لبنان لا يعتمد كليا على كهرباء “الدولة 24/ 24، هناك المولدات التي تنتشر في كافة المناطق، والتي تقوم الى حدٍ ما بدور مؤسسة كهرباء لبنان. وجود هذه المولدات يثير التفاؤل، بعد أن كانت آفة على مرّ سنوات طويلة، بحيث سيطرت “مافيات” المولّدات على المناطق والأحياء، وابتزت المواطن اللبناني.
“مياه جنوب لبنان”
وفى السياق نفسه، دعت مؤسسة “مياه جنوب لبنان” إلى ترشيد استخدام المياه بسبب خفض مدة التغذية بها، وقالت في بيان لها: “عطفاً على بيان مؤسسة كهرباء لبنان الذي أشار الى توقف آخر مجموعة إنتاجية في معمل الزهراني، على المواطنين ترشيد استخدام المياه بالحدود القصوى بسبب خفض مدة التغذية بالمياه. موضحة “أنها ستبادر إلى تشغيل المولدات لتغطية انقطاع التيار الكهربائي، ولكن ذلك لا يكفي لتوفير الكمية الكافية من المياه لتغذية كافة المدن والبلدات التي تقع في نطاق صلاحيات المؤسسة”.
مؤسسة كهرباء لبنان
وفي التفاصيل، عاد شبح أزمة الكهرباء ليطل برأسه مجددا، بعد أن أعلنت مؤسسة الكهرباء انقطاع التيار الكهربائي عن كامل أراضيه، أمس لآخر مجموعة إنتاجية لمعمل الزهراني، كانت متبقية على الشبكة الكهربائية من الخدمة بالكامل، وتمت الاستعانة بمخزونات الوقود لدى الجيش الللبناني إلى جانب المولدات، فيما تستمر مساعي الحصول على الوقود العراقي .
وعليه، أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان بأنه قد تم خروج قسرياً ظهر أمس، آخر مجموعة إنتاجية لمعمل الزهراني متبقية على الشبكة الكهربائية عن الخدمة بالكامل، وذلك جراء نفاذ خزين المعمل من مادة الغاز أويل بالكامل، ما أدى بنتيجته إلى توقف التغذية بالتيار الكهربائي كليًا على الأراضي اللبنانية بما فيها المرافق الأساسية.
وكانت المؤسسة، سبق لها أن حذرت من قرب انتهاء مخزون الوقود، حيث أصدرت بيانين بتاريخ 07/08/2024 و 27/07/2024، حول الأزمة ذاتها، والمؤسسة فى انتظار ما ستؤول إليه الأمور فيما تسعى الجهات المعنية لمعالجة مسألة تزويد مادة الغاز أويل لمؤسسة “كهرباء لبنان”، سواء من خلال اتفاقية التبادل مع العراق أو غيرها من المصادر.
وأوضحت المؤسسة أنها تترقب تنفيذ الاتفاق الموقّع مع العراق بشأن تزويد البلاد بكميات من الديزل الأحمر، لتشغيل محطات الكهرباء التي اضطرت إلى التوقف بشكل كامل عن العمل.
وزير الطاقة
من جانبه، أعلن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، في حديث تلفزيوني، أنّ “شحنة الـ”سبوت كارغو” من المتوقع أن تصل إلى لبنان في 24 آب وبعد أن تُفحص تدخل إلى مخازن الكهرباء ما يؤمن 600 ميغاوات تغذية”، موضحًا أنّ “الشحنة تحتاج إلى عقد نفقة مالية من مجلس إدارة كهرباء لبنان الذي سيلتئم الاثنين أو الثلاثاء”، على أن يرسل العقد أيضًا إلى المصرف المركزي”.
أضاف “سوف نعطي من مخزون منشآت النفط كمية من الديزل لكي تستفيد منها مؤسسة كهرباء لبنان”.
وكان فياض قال قال “ان هناك مساعي لمعالجة أزمة تأمين الوقود العراقي اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء في لبنان، الناجمة عن تراكم المستحقات المالية على بيروت؛ إذ يجري العمل على فتح الاعتمادات اللازمة لذلك”، مطالبا “مؤسسة كهرباء لبنان، والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، بوضع إنتاج المصلحة من محطات الطاقة الكهرومائية التابعة لها، التي تتراوح بين 80 و100 ميجاواط على الشبكة العامة للكهرباء في البلاد”.
مدير المطار
أما مدير مطار بيروت فادي الحسن، فقال: “إن المطار يؤمن الكهرباء عبر المولدات”، معرباً “عن أمله بألا تطول الأزمة”.
لا حلول قريبة
بالرغم مما سبق، لقد اعتاد اللبنانيّون على العتمة، فيما الدولة شبه غائبة، والأخطر أنّ لا حلول قريبة طالما أن الأزمة السياسية على حالها.