تستمر مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة من دون تحقيق نتائج تُذكر أو خروقات يُبنى عليها، لا بل إن التشاؤم سيّد الموقف، والمخاوف من تطيير الاتفاق تتصاعد في ظل تهديدات جديدة أطلقها رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ضد “حماس” بعد حادثة مقتل رهائن إسرائيليين.
لا معطيات تدعو للتفاؤل باحتمال حصول أي خرق إيجابي إلّا الضغط الأميركي على إسرائيل للقبول بصفقة هدنة تجنّب المنطقة المزيد من التصعيد. لكن حتى هذا المعطى لا تعويل حقيقياً عليه. فنتنياهو لا زال رافضاً للرضوخ لرؤى الولايات المتحدة وتنفيذ مطالباتها، وأميركا لا تُشكّل ضغطاً كبيراً على إسرائيل ونتنياهو للقبول بأي اتفاق، ولو أرادت ذلك حقاً لكانت قد أوقفت شحنات الأسلحة وألزمتها بالاتفاق.
في لبنان، فإن الجبهة الجنوبية أقل حدّة مما كانت عليه قبل، ومردّ ذلك تنفيذ “الحزب” ردّه على اغتيال القيادي فؤاد شكر وانتهاء مرحلة الرد والرد على الرد، والطرفان يتنفسان استراحة قبل معرفة معالم المرحلة المقبلة، خصوصاً وأن إسرائيل لا زالت تصب اهتمامها على غزّة.
لكن ما حصد الاهتمام كان خطابَي رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، إذ لم يتفق الطرفان إلا على الاختلاف، وفي حين أن برّي كان واضحاً بأن الحوار سوف يؤدي الى حل لانتخاب رئيس الجمهورية، فإن جعجع بقي متمسكاً برفض هذا المخرج ومصرّ على إجراء دورات مفتوحة.
لا إشارات جدّية بأن الاستحقاق الرئاسي قد يسلك مسار الحلول في الوقت القريب، وتقول مصادر مراقبة إن ثمّة قناعة راسخة بأن لبنان المرتبط بمجريات الإقليم أكثر من أي دولة أخرى لن ينفصل عن تعقيدات المشهد، وستبقى استحقاقاته معلقة إلى أن يحين موعد التسوية.
هذا المشهد ليس صحياً بحسب المصادر، لا بل على العكس، فإن الأزمات المتعاقبة، وآخرها أزمة العتمة الشاملة وانقطاع الكهرباء، مرشّحة لأن تكون أسوأ في الأيام المقبلة، لأن الحكومة غير قادرة على تصريف الأعمال في ظل التعطيل الحاصل والشلل الذي يضرب المؤسسات الدستورية، بدءاً من رئاسة الجمهورية.
إذاً، فإن الحلول غائبة بشكل كلي عن الأفق، ولا أمل بالخروج من النفق في ظل المعطيات التي تشي بأن السوداوية ستزداد قتامة في الأسابيع والأشهر المقبلة، حتى يستجد أي مستجد يبدّل المعطيات ويُعلن موعد التسوية، لكن حتى ذلك الحين، فإن الأسوأ هو الخيار الأكثر ترشيحاً.