وسط استمرار العدوان الإسرائيلي، تزايدت الأسئلة حول الاتصالات الدبلوماسية المتصلة بالحدث. حتى جاءت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف – لودريان، إلى بيروت، لتؤكد ما كان قناعة بعدم وجود إشارة إلى أي تحرك سياسي، ربطاً بقرار الولايات المتحدة والغرب منح إسرائيل فرصتها في الميدان. وهو أمر سيتابعه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبحسب مصادر رسمية فإن «كل ما وصل إلى بيروت حتى الآن لا يحمِل أي طرح جدّي لوقف التصعيد، بل هو مزيج من التهديد بضرورة إغلاق جبهة الإسناد أو نصائح بعدم الانجرار إلى الحرب الكبيرة».
أما بالنسبة إلى لودريان، فقد جال أمس على الرئيسين نبيه بري وميقاتي، ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل والنائب السابق وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وأجمع كل من التقاهم على أنه «لم يحمِل معه أي طرح أو مبادرة، بل تحدّث بشكل عام عن الموقف الفرنسي والتشديد على احتواء التصعيد وعن الجهود التي تُبذل في العواصم الغربية لتهدئة الأمور ومنع تفلتها، مشيراً إلى أنها ستُستكمل في الأيام المقبلة».
ونُقِل عن المجتمعين به أن «زيارته كانت مضيعة للوقت، وكنا نظنّ أن تعديلات أُدخلت على مهمته بعدَ التطورات الأخيرة، إذ إن زيارته إلى لبنان كانت مقرّرة قبل ثلاثة أسابيع، ليتبيّن أنه ليس مخوّلاً بمناقشة ملف الحرب إلا بعناوين عامة».
أما بالنسبة إلى الجهات الأخرى، تحديداً القطرية والتركية والمصرية، فقالت المصادر إن «هذه الجهات لم تعرض أي اقتراح، باستثناء أفكار عادية بعيدة عن العمل الدبلوماسي وكلها تستهدف الضغط على حزب الله لوقف الحرب على الجبهة اللبنانية من دون الكلام عن أي ضمانات من إسرائيل». وأشارت المصادر أن «هذه الأجواء خلقت انطباعاً لدى القوى السياسية في لبنان بأن الخارج يريد منح إسرائيل المزيد من الوقت لتحقيق أهداف على المستوى العسكري والسياسي والأمني يمكن الانطلاق منها لبدء عملية تفاوض جدّي»، علماً أن «حزب الله لم يعط أي مجال للنقاش في إغلاق الجبهة». واعتبرت المصادر أن الوسطاء، من عرب وأجانب، سينتظرون عدة أيام، لمراقبة مسار الأمور قبل بدء العمل الدبلوماسي الحقيقي.
ومن القاهرة، نقل مراسل «الأخبار» عن مصادر مطّلعة أن «مصر تلقّت تأكيدات أميركية بأن الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف لبنان لن تمتد إلى أي من المنشآت الخاصة بالجيش اللبناني أو مؤسسات الدولة اللبنانية في المرحلة الحالية من الغارات الإسرائيلية»، والتي من المتوقع أن «تنتهي قبل نهاية الأسبوع الجاري»، وسط تأكيد بأن «الحل الدبلوماسي لا يزال مطروحاً ما لم تكن هناك ردود عنيفة تستهدف العمق الإسرائيلي». واعتبر مسؤولون أميركيون في اتصالات جرت مع نظرائهم المصريين، على مدار اليومين الماضيين، أن «الغارات الإسرائيلية تستهدف تنفيذ عمليات دقيقة في لبنان بمختلف أنحائه، في محاولة لإضعاف القدرات العسكرية لحزب الله، على أن يتم الاكتفاء بها في هذه المرحلة من التصعيد في الوقت الحالي».
أما في الداخل، فالأجواء السياسية لا تقل إرباكاً عن الجو الخارجي، حيث تنقسم المواقف، التي ينطلق بعضها من أن حزب الله تلقّى ضربات قوية ولن يخرج سليماً من هذه الحرب، وبين من يبدي بعض الاستياء من تداعيات فتح الجبهة الجنوبية على لبنان. وفي الإطار، علمت «الأخبار» أن بعض الوسطاء نصحوا البطريرك الماروني بشارة الراعي بالقيام بجولة اتصالات لتسجيل موقف إنساني بعيداً عن السياسة، كما نُصحت جهات أخرى على خصومة مع الحزب بفعل الأمر ذاته، لكنها لم تستجب.