منذ بدء اشتداد العدوان الإسرائيلي على لبنان بدأت موجة النزوح من الجنوب، وقابلها نزوح معاكس للسوريين إلى بلادهم. فكم بلغ عدد السوريين المغادرين منذ 10 أيام؟
يبحث النازحون من القرى والبلدات الجنوبية عن ملاذ آمن بعدما كثّف جيش الاحتلال غاراته على معظم البلدات الجنوبية وصولاً إلى صيدا ومشارف بيروت. بين هؤلاء سوريون يقيمون في لبنان منذ سنوات، ومنهم من جاء في 2011 عندما بدأت الحرب في سوريا. لكن المشهد على الحدود بات مغايراً، إذ لم تعد موجات النزوح غير الشرعية من سوريا هي العنوان، لأن هناك نزوحاً معاكساً عبر المعابر الشرعية وحتى غير الشرعية.
تشير الأرقام الأولية إلى أن أكثر من 150,000 سوري غادروا لبنان منذ نحو 10 أيام، جلّهم من المقيمين في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت وبعض القرى والبلدات البقاعية.
وتفيد مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بأن أكثر من 126 ألفاً من السوريين قد عادوا إلى سوريا.
عندما اشتد العدوان الإسرائيلي على لبنان كان من الطبيعي أن يقصد عدد من اللبنانيين سوريا، على غرار ما عرفه لبنان خلال عدوان تموز (يوليو) 2006 يوم غادر عشرات آلاف اللبنانيين إلى بلاد الشام بحثاً عن الأمان.
مناطق كثيرة باتت بمعظمها غير آمنة، فالغارات الإسرائيلية لم توفر بلدة أو مدينة في الجنوب وصولاً إلى صيدا والبقاع، وبما أن معظم السوريين اتخذوا من الجنوب والبقاع ملاذاً لهم، فقد كانوا عرضة للغارات الإسرائيلية، علماً أن نحو 100 سوري بينهم أطفال ونساء قضوا خلال الاعتداءات الإسرائيلية ومعظمهم دُفن في لبنان.
وتشير أرقام المفوضية إلى أن نحو 120,000 من السوريين النازحين إلى لبنان عادوا إلى دمشق وكذلك إلى حمص في الأسبوع الأول من العدوان.
أما الطرق التي سلكوها فتنوعت، ومنهم من عاد عبر المصنع قبل أن تغير عليه الطائرات الإسرائيلية وتقطع الطريق الدولية في الاتجاهين، ما يعني أن بعض هؤلاء ممن بقوا في لبنان ويرغبون في العودة سيُجبرون على اجتياز الحدود سيراً.
وقد شهدت حركة العودة السورية ارتفاعاً ملحوظاً، ولا سيما في الأيام الأخيرة، بعدما حددت الحكومة اللبنانية مراكز لإيواء السوريين في البقاع، وبالتالي لم تستقبل المدارس ومراكز الإيواء المخصصة للبنانيين أي نازح سوري، ما يعني أن خيار التوجه إلى سوريا بات الأمثل بحثاً عن الأمان.
زحمة على المعابر الشرعية
شهدت المعابر بين لبنان وسوريا ازدحاماً غير عادي خلال الأيام الأولى من العدوان الإسرائيلي على لبنان. وتشير الأرقام إلى أن أكثر من 200,000 لبناني غادروا إلى سوريا، فيما كانت أعداد السوريين العائدين إلى بلادهم أقل من ذلك في الأيام الأولى للعدوان.
أما السبب الآخر للزحمة فيكمن في الإجراءات السورية التي تفرض على السوريين تصريف 100 دولار على المنافذ الحدودية بسعر أقل بقليل من ذلك الرائج، أي أن على كل سوري يعبر المنافذ الحدودية أن يصرف 100 دولار بسعر 13 ألف ليرة سورية للدولار، فيما يتجاوز سعره الـ 14 ألفاً في السوق السوداء.
لكن الحكومة السورية أوقفت العمل بقرارها أسبوعاً، وسط ارتياح سوري ومطالبة بأن يتوقف العمل بالقرار الأساسي على نحو دائم.
أما الأعداد الحالية فتشير إلى أن أكثر من 150 ألفاً من السوريين قد تركوا لبنان، سواء عبر المعابر الشرعية أو من خلال المعابر والممرات غير الشرعية، وهذه الأعداد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً بعد اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في 27 من الشهر الفائت.
وما دفع السوريين إلى العودة هو عدم إيجاد مأوى لهم، واضطرار الآلاف منهم إلى البقاء في العراء، ولا تزال أعداد منهم في بيروت وبعض المناطق، وهؤلاء يفترشون الطرق، سواء في عين المريسة أو الرملة البيضاء والكولا وغيرها.
إلى ذلك، لم تصدر أرقام رسمية عن الأمن العام اللبناني في شأن عدد السوريين الذين غادروا لبنان هذه الفترة، علماً أن أعدادهم تتجاوز نصف العدد الإجمالي الذي غادر عبر الرحلات الطوعية التي نظمها الأمن العام منذ سنة 2018، والتي تخطت الـ٤٥٠ ألفاً.