أدارت إسرائيل ظهرها لكل المساعي والاتصالات الهادفة إلى وقف حربها الموسعة على لبنان، والتي شنتها منذ 23 سبتمبر الماضي، فيما مددت الولايات المتحدة الأميركية وفقا لمصادر ديبلوماسية تحدثت إلى «الأنباء»، المهلة التي أعطتها لحكومة بنيامين نتنياهو لإنهاء عملياتها العسكرية في جنوب لبنان شهرا إضافيا.
بينما انفردت فرنسا عبر رئيسها إيمانويل ماكرون مع الدول العربية في تكثيف الاتصالات على غير صعيد سعيا إلى التهدئة ووقف العمليات العسكرية.
ومع رفض إسرائيل التجاوب مع المساعي الديبلوماسية، تشتد حماوة الميدان تحت وطأة الغارات التي اصبحت تتخذ طابع المجازر، من خلال إلقاء عشرات الصواريخ دفعة واحدة على مكان محدد، كما حصل في البقاع وسوق النبطية في الأيام الماضية، علما انه يصح تسمية يوم الأربعاء 16 أكتوبر، بـ«يوم استهداف النبطية»، بغارات طاولت مبنى بلديتها ومبنى اتحاد بلديات الجنوب ومبان أخرى للقضاء على مقومات الحياة فيها، وتاليا في ذلك القسم من جنوب لبنان، اذ دمرت الغارات أمس مبنى بلدية النبطية الذي كان فاتحا أبوابه بوجود رئيس البلدية أحمد كحيل وعشرات الأشخاص وموظفين لتسيير شؤون البلدة. وقتل كحيل والأعضاء صادق اسماعيل وخضر قديح وقاسم حجازي ومسؤول الاعلام محمد بيطار والموظف محمد زهري. وأعلنت وزارة الصحة لاحقا ارتفاع عدد الضحايا إلى «6 شهداء و43 جريحا» على الأقل. في المقابل، قال الجيش الاسرائيلي انه استهدف بنى تحتية لحزب الله في النبطية.
ورصدت أعمدة كثيفة من الدخان نتيجة نسف الجيش الإسرائيلي أحياء بكاملها في بلدة محيبيب الحدودية جنوب لبنان.
وكان اللبنانيون صحوا صباح أمس على دوي الصواريخ التي أطلقتها طائرات حربية إسرائيلية على بلدة حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، بذريعة استهداف مخزن أسلحة للحزب، بعد هدوء شهدته الضاحية والعاصمة بيروت استمر خمسة أيام.
وتجدد موعد بلدة قانا الجنوبية مع مجزرة إسرائيلية جديدة فجر أمس، فبعد مجزرة العام 1996 في حرب «عناقيد الغضب» التي هزت العالم باستهداف مقر القوات الدولية حيث احتمى المدنيون، تكررت المجزرة في 2006، لتأتي فجر أمس الغارة التي دمرت سوق البلدة وساحتها موقعة أكثر من 15 ضحية إلى عشرات الجرحى، وقد تعذر الإحصاء قبل انتهاء من استكمال رفع الانقاض.
وأدان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي «العدوان الإسرائيلي الجديد على المدنيين في مدينة النبطية والذي استهدف قصدا اجتماعا للمجلس البلدي للبحث في وضع المدينة الخدماتي والاغاثي». وقال ميقاتي: «هذا العدوان الجديد، معطوفا على كل الجرائم التي يرتكبها العدو الإسرائيلي في حق المدنيين، هو برسم العالم الساكت عمدا على جرائم الاحتلال، مما يشجعه على التمادي في غيه وجرائمه».
وأضاف: «اذا كانت كل دول العالم عاجزة عن ردع عدوان موصوف على الشعب اللبناني، فهل ينفع بعد اللجوء إلى مجلس الأمن للمطالبة بوقف إطلاق النار؟ وما الذي يمكن ان يردع العدو عن جرائمه التي وصلت إلى حد استهداف قوات حفظ السلام في الجنوب؟ وأي حل يرتجى في ظل هذا الواقع؟».
في المقابل، شدد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على أن أي مفاوضات ستجريها إسرائيل على الجبهة مع لبنان «ستتم تحت النار»، وفق تعبيره.
وأضاف أن إسرائيل لن تتوقف عن قتال حزب الله قبل أن تعيد بشكل آمن الإسرائيليين إلى منازلهم قرب الحدود اللبنانية.
وكان أحد القادة الميدانيين السابقين في «حزب الله» الذي شارك بفاعلية في الميدان في حرب يوليو 2006، قال لـ«الأنباء» تعليقا على تجنيب العاصمة بيروت والضاحية الجنوبية ضربات جوية إسرائيلية مند فترة، بضمانة الولايات المتحدة الأميركية ان ذلك حصل: «وفق معادلة فرضتها المقاومة ونفذتها بقصف تل أبيب، الأمر الذي لم يتحمله العدو الإسرائيلي. وسنعيد النظر في قرارنا تحييد تل أبيب، بعد قصف الضاحية» أمس.
وتابع القول: «يدور الحديث الآن عن عزل الجنوب وهذا صحيح، وبدأ منذ 23 سبتمبر الماضي في شكل واسع، وقبله منذ الثامن من أكتوبر 2023 بتدمير قرى وبلدات حدودية مواجهة. ويمنع الجيش الإسرائيلي توجه السيارات من بيروت إلى الجنوب. ويضع هدفا له بلوغ مجرى نهر الليطاني، ويحاول التوغل من نقاط عدة. وما يتردد عن محاولة الجيش الإسرائيلي القيام بإنزال او عملية التفافية من الخلف فهذا مستحيل عليه عسكريا ولن يحصل. وكل ما وصل اليه الجيش الإسرائيلي التوغل يوميا لمسافة تقل عن كيلومتر واحد حيث يقوم بتصوير مشاهد لبثها على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم تنسحب آلياته عائدة إلى الضفة الأخرى من الحدود».