مجزرة أيطو: لمَ طالبت الأمم المتحدة بتحقيق معمّق؟

“تحقيق مستقل ومعمق” طالبت به الأمم المتحدة إثر الغارة الإسرائيلية على بلدة أيطو – قضاء زغرتا. كانت هذه العبارات وحدها كفيلة للدلالة على رمزية هذا الموقف وأهميته. فما المدلولات؟ وبماذا تختلف هذه الضربة عن غيرها لتبرير موقف دولي مماثل؟

يشرح العميد في الجامعة الدولية للأعمال – ستراسبورغ رئيس مؤسسة “جوستيسيا الحقوقية” المحامي الدكتور بول مرقص لـ”النهار”: “عادة، لا معايير محددة. لكن طبعاً، قتل عدد من المدنيين، ولا سيما أطفال ونساء في غارة واحدة، يشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني. قد يكون هذا العامل المحرك الأبرز وراء موقف الأمم المتحدة الأخير”.

من هنا، يفهم كيف سارع الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان جيريمي لورنس إلى التعليق، قائلاً: “قتل 22 شخصاً، بينهم 12 امرأة وطفلان، وبالنظر إلى هذه العوامل، لدينا مخاوف حقيقية في ما يتعلق بالقانون الإنساني الدولي، أي قوانين الحرب ومبادئ التمييز والتناسب”.

كانت هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها منطقة لبنانية لغارة إسرائيلية غالباً ما تستهدف معاقل “حزب الله” في جنوب لبنان وشرقه والضاحية الجنوبية. هذه العوامل كفيلة لتدفع الأمم المتحدة الى التحرك. لا شك في أن الإطار الجغرافي يشكل أيضاً معياراً أساسياً في هذه الإدانة الدولية، لكونه يخرج عن نطاق الحرب ضمن “دائرة الاستهداف” المحددة والبقع التي تُصنّف بـ”غير الآمنة”.

يعلق مرقص بالاستناد إلى دراساته القانونية، لافتاً إلى “قصور تطبيق القوانين الدولية الإنسانية، إذ تبرز فجوة بين النصوص والواقع. وأول مبدأ في هذا الإطار، هو مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين لكونه التزاماً عالمياً لا يجوز تجاهله، مثلما حدث في انفجار أجهزة النداء الذي أحدثته إسرائيل في العديد من المناطق اللبنانية يومي 17 و18 أيلول 2024 حيث أدى، واقعياً، كما احتمالياً، إلى إصابة مدنيين، وإن لم يكونوا في طور استخدامها، فكانوا قريبين منها وتضرروا نتيجة ذلك. أيضاً، إن تحويل الأحياء السكنية أهدافاً عسكرية وتعريض المدنيين للخطر، من شأنه أن يخالف القواعد العالمية للحرب لا فقط تجاه مجتمع معيّن، وهذا يخالف مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين”.

كل ذلك يشكل معايير عالمية، لا سيما إذا ارتكزنا على الاتفاقات الدولية، وفق مرقص، ولعل أهمها، “اتفاقات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاتها لعام 1977، وخصوصاً الأول منها، الموقع في 12 آب 1949، والذي يشدد على “حماية ضحايا المنازعات الدولية المسلّحة”.

وبعد، هل يمكن أن تشكل الإدانة مقدمة للمحاسبة الدولية، يجيب مرقص: “أهمية المحاكم الدولية في مساعدة الدول المتضررة أنها تمثل منبراً للعدالة يمكن عبره للدول المتضرّرة التظلّم ضدّ الانتهاكات. مثلاً، تختص المحكمة الجنائية الدولية المنشأة بموجب نظام روما الأساسي لعام 1998، بمحاكمة الأفراد المسؤولين عن ارتكابهم جرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية، جرائم العدوان وجرائم الإبادة الجماعية”.

كوتس:
•الإطار الجغرافي يشكل عاملاً أساسياً في الإدانة الدولية، لكونه يخرج عن استهداف معاقل “حزب الله” المعروفة.

كادر:
قانا الـ2006 وكوفي أنان
عام 2006، وقعت مجزرة قانا حاصدة 28 قتيلاً، غالبيتهم من الأطفال، إلى جانب نحو 13 مفقوداً. عامها، دعا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن بناءً على طلب رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة حيث نوقش مشروع قرار فرنسي يتضمن وقف إطلاق النار فوراً. عامها أيضاً، سارع الممثل الشخصي للأمين العام في لبنان غير بيترسون إلى إدانة المجزرة، قائلاً إنه يشعر “بصدمة عميقة وحزن بالغ لمقتل المدنيين من اللبنانيين بينهم العديد من الأطفال في قانا”.

اترك تعليق