شهدت الساحة اللبنانية تطورات قضائية جديدة حيث أصدرت محكمة التمييز العسكرية حكمها النهائي في قضية «أحداث خلدة» التي اندلعت في آب 2021، والتي أثارت ضجة واسعة في المجتمع اللبناني نظرًا لتبعاتها الأمنية والاجتماعية. وبعد سلسلة من الجلسات الطويلة والشهادات التي دامت لأكثر من عام، جاء الحكم ليغلق فصلاً من هذه القضية الشائكة، مع تخفيض عقوبات بعض المتهمين وتعديل التوصيف الجرمي
تفاصيل القضية
أعلن المحامي محمد صبلوح أن محكمة التمييز العسكرية، برئاسة القاضي جون القزي وعضوية المستشارين من كبار ضباط الجيش، قامت بفسخ الأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية ضد المتهمين التسعة. وشملت الأحكام عقوبات بالسجن تراوحت بين 5 و10 سنوات. وقد تم تخفيض بعض الأحكام، حيث خُفضت عقوبة سعد الشاهين من 7 إلى 5 سنوات، وعقوبة موسى الغصن من 5 سنوات إلى سنة واحدة، كما تم تخفيض عقوبات آخرين تراوحت بين 9 و4 سنوات.
وبموجب هذا الحكم، يكون بعض المتهمين قد أنهوا فترة محكوميتهم، وسيتم إطلاق سراحهم بعد احتساب مدة التوقيف.
قبل ختام المحاكمة، أعلن القاضي القزي تعديل التوصيف الجرمي المسند إلى المتهمين من جرم «القتل عمداً» الذي تصل عقوبته إلى الإعدام إلى «القتل قصداً» الذي تصل عقوبته إلى السجن 20 عاماً، حيث تم الانتقال من تطبيق المادة 549 إلى المادة 547 معطوفة على المادة 560 من قانون العقوبات. هذه المادة تنص على معاقبة جميع من حاولوا الإيقاع بالمجني عليه بعقوبة مخففة في حال وقوع القتل أثناء مشاجرة جماعية يصعب فيها تحديد الفاعل بالذات.
كما سجل القاضي القزي مفارقة بإصدار الحكم في اليوم ذاته لختم المحاكمة، حيث تم تبليغ المتهمين بالحكم في حضور وكلائهم، وهو إجراء كان قد أُلغي في عهد القاضي طاني لطوف، إلا أن القاضي القزي أعاد العمل به في هذه القضية بالذات.
موقف المتهمين والدفاع
خلال الجلسة الأخيرة المخصصة للمرافعة، أعرب الشيخ عمر موسى، أحد المتهمين الأساسيين، عن طلب أخير أمام المحكمة بأن تقف دقيقة صمت على أرواح الشهداء الذين سقطوا في العدوان الإسرائيلي على لبنان، والذين يزيد عددهم على 3000 شهيد.
وجاءت مرافعات وكلاء الدفاع، المحامون ديالا شحادة، أنطوان سعد، محمد صبلوح، وإبراهيم الرواس، بطلب البراءة لموكليهم أو منحهم الأسباب التخفيفية، فيما شدد الشيخ موسى على وضعه الصحي الصعب، كاشفاً عن معاناته من مرض عضال، طالباً العودة إلى منزله للمعالجة. أما باقي المتهمين فقد طالبوا بالبراءة.
وبهذه الأحكام، تكون محكمة التمييز العسكرية قد طوت صفحة من صفحات النزاع في لبنان، محاولةً إحقاق العدالة بأحكام تم تعديلها بشكل ملحوظ، لتثير أسئلة حول منهجية القضاء العسكري ومستقبل القضايا المشابهة.