بينما تعنف الحرب الإسرائيلية على لبنان، تتواصل «التمارين التفاوضية» على الخطوط الديبلوماسية العابرة للعواصم المؤثرة، وصولاً إلى موسكو التي عادت لتحضر في المداولات الجارية حول تسوية تنهي الحرب، بعد فترة من التهميش المتعمّد لدورها.
تنشط في الكواليس الديبلوماسية الدولية محاولات غير مكتملة بعد، لإعادة ترتيب الوضع اللبناني و«هندسة» الواقع الإقليمي على إيقاع الحرب الإسرائيلية التي تستهدف لبنان وغزة، لكن لا يزال من المبكر البتّ في ما سيؤول إليه هذا المسار السياسي الذي سيمرّ في منعرجات وتعرجات عدة قبل أن يستقر على وجهة نهائية.
ومن الواضح أنّ موازين القوى ستؤدي دوراً حاسماً في تحديد الرسم النهائي لأي تسوية مفترضة، ومن هنا يعوّل «حزب الله» والرئيس نبيه بري على عاملي الميدان والوقت لتصحيح الخلل في المقترحات المتداولة لوقف إطلاق النار، والتي يبدو من التسريبات انّه تمّ تفصيلها على قياس المتطلبات والمصالح الإسرائيلية.
ad
وهناك من يلفت في هذا الإطار إلى انّ الشروط التي يسعى بنيامين نتنياهو إلى فرضها على لبنان والمقاومة، توحي وكأنّ ساعته توقفت عند تاريخ اغتيال السيد حسن نصرالله، متجاهلاً انّ «حزب الله» استعاد توازنه وعافيته لاحقاً، وترجم ذلك عبر المسار التصاعدي المستمر في أدائه الميداني، سواء على مستوى المواجهة البرية او على مستوى إطلاق الصواريخ والمسيّرات نحو عمق الكيان الاسرائيلي.
ولم يكتف نتنياهو بالتفهم الأميركي لمعظم الشروط التي يطرحها بغية وقف الحرب، بل طرق أيضاً باب موسكو التي أوفد اليها قبل أيام وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي، سعياً إلى إقناع الروس باستخدام حضورهم ونفوذهم في سوريا لمنع إمداد «حزب الله» بالسلاح عبر الحدود السورية ـ اللبنانية.
وبينما حرص أحد المسؤولين الروس على عدم تأكيد او نفي الطلب الإسرائيلي عندما سأله عنه قريبون منه، كشفت مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية»، انّ نتنياهو يريد فعلاً أن يكون لروسيا دور في منع وصول السلاح مستقبلاً من إيران إلى الحزب عبر سوريا.
ولكن المصادر لفتت إلى أنّ هناك طلبات لا يمكن القيادة الروسية قبولها بتاتاً، وهناك أخرى تحتاج إلى بحث طويل، موضحة انّ المؤكّد هو انّ مشاورات تتمّ مع موسكو، انما لا تزال في طور جسّ النبض ولا شيء نهائياً بعد.
وتشير المصادر الديبلوماسية، إلى أنّ الذين حاولوا تجاهل دور روسيا الحيوي في المنطقة والقفز فوقه، أدركوا أن ليس في مقدورهم مواصلة تجاوزه والاستغناء عنه، مشدّدة على انّ موسكو التي تملك قاعدتين استراتيجيتين في سوريا، هي لاعب أساسي في الإقليم، ومن غير الممكن إقصاءها عن اي صفقة لتحقيق الاستقرار.
وتلفت المصادر إلى انّ علاقة روسيا بإيران جيدة، ويوجد تعاون بينهما في ملفي أوكرانيا وسوريا وفي مواجهة مخاطر السياسات الأميركية، ما يدفع إلى التساؤل عمّا إذا كانت موسكو مستعدة للتفريط بتلك العلاقة المحورية مع طهران من أجل التحول «حرس حدود» لإسرائيل.
كذلك، تتساءل المصادر عن حجم الثمن الذي يمكن أن يُعرض على روسيا من أجل تشجيعها على أن تقبل بمثل هذا العرض.