إذا قرّرت الحكومة المقبلة استخدام الإيرادات الضريبية أي إيداعاتها بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان، والاستغناء عن سياسة التقشّف في الإنفاق المتّبعة منذ عام ونصف، فإن النتيجة ستكون إما انهياراً في سعر الصرف أو انهياراً في احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية من 10.345 مليارات دولار الى 2,4 مليار دولار.
اتّبع مصرف لبنان منذ تولّي وسيم منصوري الحاكمية بالإنابة، سياسة لجم الإنفاق الحكومي وتخزين إيرادات الدولة لعدم ضخّها في السوق والتأثير على حجم الكتلة النقدية المتداولة والتي قلّصها وسيطر عليها للحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة مقابل الدولار منذ آب 2023. وهو ما يعتبر سياسة تثبيت لسعر الصرف بصورة غير رسمية من خلال ضخّ أو تأمين أي نقص يحصل في حجم الكتلة النقدية المحدّد بالليرة، في السوق. منذ حوالى عام ونصف، يستخدم مصرف لبنان إيرادات الدولة لديه لشراء الدولارات ورفع حجم احتياطيه من العملات الأجنبية، باستثناء القرار الذي اتّخذه في الحرب، وهو رفع سقف التعميمين 158 و166 مما أتاح للمودعين سحب مبالغ إضافية من حساباتهم في المصارف.
ماذا يعني ذلك؟ هذه السياسة المتّبعة تعني أنه إذا قررت الحكومة المقبلة، استخدام إيراداتها الضريبية على نفقات تشغيلية، استثمارية (إعادة إعمار وإعادة تأهيل ما دمّر في الحرب) أو حتّى أساسية أخرى باستثناء الرواتب والأجور، فالنتيجة ستكون إما انهياراً في سعر الصرف أو تراجعاً في احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية البالغ 10.345 مليارات دولار.
وفي حال تمّ استثناء إيداعات الدولة من الإيرادات الضريبية، من احتياطي مصرف لبنان واستثناء التزاماته بالعملات الأجنبية (من دون التطرّق إلى التزاماته للمصارف والمودعين)، فان احتياطيه سيتقلّص إلى 2,4 مليار دولار. مع الإشارة إلى أن إيداعات القطاع العام لدى مصرف لبنان ارتفعت بحوالى 1,78 مليار دولار منذ شباط 2024 ولغاية منتصف كانون الثاني 2025، في حين ارتفع احتياطي المركزي من العملات الأجنبية في الفترة نفسها بحوالى 863 مليون دولار، علماً أن الاحتياطي كان قد زاد 1,12 مليار دولار لغاية أيلول 2024 ( تاريخ اندلاع الحرب) وإيداعات القطاع العام كانت زادت بقيمة 1,46 مليار دولار، إلا أن تدخل مصرف لبنان في السوق خلال فترة الحرب، غيّر الأرقام.