تبرز قضية إعادة إعمار البنية التحتية كأولوية وطنية ملحّة. وفي هذا السياق، ترأس رئيس مجلس الوزراء، نواف سلام، اجتماعاً بحضور وزراء المالية، الطاقة والمياه، الاقتصاد والتجارة، الأشغال العامة والنقل، الشؤون الاجتماعية والبيئة، إضافة إلى رئيس مجلس الإنماء والإعمار، ورئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، والمدير الإقليمي للبنك الدولي جان كريستوف كاريه، على رأس وفد، وقد خُصص الاجتماع لبحث مشروع إعادة إعمار البنية التحتية المقدم من البنك الدولي، والذي يهدف إلى معالجة الأضرار الناجمة عن الصراع وتلبية احتياجات التعافي.
تقديرات التكلفة
قدّر البنك الدولي في تقريره الصادر بعنوان “التقييم السريع للأضرار والاحتياجات في لبنان لعام 2025” احتياجات إعادة الإعمار والتعافي بنحو 11 مليار دولار أميركي، منها مليار دولار مخصصة لقطاعات البنية التحتية المتضررة بشدة، ويعمل البنك الدولي على إنشاء صندوق لإعادة الإعمار بقيمة مليار دولار، يساهم فيه بمبلغ 250 مليون دولار كتمويل أولي، على أن يتم تأمين المبلغ المتبقي من المانحين الدوليين.
وكشف مصدر مالي عبر “نداء الوطن” أن “الموضوع المالي في السراي الحكومي بين سلام والبنك الدولي انحصر فقط بإعادة إعمار البنى التحتية كمرحلة أولى”. وقال المصدر: “الموضوع سياسيّ في ما يخص إعادة الإعمار ككل، ومن المبكر الحديث عنه فالملف لم ينضج بعد”. وأضاف: “ما من شيء ملموس، وما قدمه البنك الدولي هو مشروع وخريطة عمل فقط”.
وأوضح أن “البنك الدولي قد يتدخل في إعادة إعمار المنازل المتضررة لأنه مصرف يسعى إلى مكافحة الفقر، لكن تدخله سيكون على شكل قروض أيضاً، وليس منح كما يظن البعض”.
التحديات المرتقبة
وشدد سلام خلال الاجتماع على ضرورة إعطاء الأولوية للمناطق الحدودية التي تعرضت لتدمير كبير، بهدف تسهيل فتح الطرقات وعودة المواطنين إلى مناطقهم. كما أكد على أهمية معالجة الركام وإعادة بناء البنية التحتية وفق منهجية تعتمد على القياس الاقتصادي.
ومع ذلك، أشار الخبير المالي، البرفسور جاسم عجاقة، إلى أن وضع لبنان الحالي قد لا يسمح بدفع فوائد على قروض البنك الدولي فهذه القروض غالباً ما تكون منخفضة أو معدومة، ولكنها قد تصل في بعض الحالات إلى 7% كحد أقصى”.
وتعليقاً على لقاء وفد البنك الدولي مع سلام، قال عجاقة لـ “نداء الوطن”: “أشك أن يكون دعم البنك الدولي بهذه الوتيرة السريعة، لأن الحكومة اللبنانية الحالية لم تبدأ بعد بالإصلاحات، ولم يتم تجاوز العقبة الأساسيّة المتمثلة بتطبيق قرار وقف إطلاق النار”. وعليه “يمكن قراءة لقاء البنك الدولي مع سلام كخطوة إغرائية ليؤكد البنك الدولي استعداده للمساعدة شرط تطبيق الإصلاحات وقرار وقف إطلاق النار”.
وأشار إلى أن “البنك الدولي يأخذ أمواله من الدول المساهمة ومن الأرباح التي يحققها، وبالتالي لا يمكنه التفريط بالأموال من دون ضمانات، فلا يمكنه تقديم قروض لإعادة إعمار البنية التحتية بينما يبقى خطر التدمير قائماً، ولهذا السبب فإن تثبيت وقف إطلاق النار هو شرط أساسي”.